تونس-أفريكان مانجر
من منطلق أنّ مشكلة الشّعب التّونسي أصبحت اليوم تتمحور حول ارتفاع نسب البطالة وتزايد نسب التّضخّم وتراجع المقدرة الشّرائيّة وتقهقر نسب النّمو…، ركّزت كثير من الأحزاب سواء كانت من “الوزن الثّقيل” أو حتّى من الأحزاب “النّاشئة” على البرامج الاقتصاديّة، غير أنّ هذه البرامج كانت في مجملها حسب خبراء اقتصاديين إمّا خياليّة (الخبزة بـ 100 مليم) أو شعبويّة أو عاجلة وظرفيّة، تهدف فقط الى استقطاب عدد كبير من الفئات الضّعيفة لانتخابهم يوم 26 أكتوبر، بما أنّهم يمثّلون أغلبيّة الشّعب.
وتجدر الإشارة الى أنّه خلافا لأغلب دول العالم، في تونس الاختلاف في التوجهات السياسيّة والحزبيّة لا يلزم الاحزاب بان تكون توجهاتها الاقتصاديّة مختلفة، حيث لاحظنا أنّ كلّ البرامج الاقتصاديّة متشابهة ولا تعبّر عن توجهات اليمين ولا اليسار، وفي هذا الاطار، قال وجدي بن رجب الخبير الاقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ جلّ الأحزاب السّياسيّة تعلم أنّ متطلبات المرحلة القادمة تتمحور أساسا حول القضاء على البطالة وعلى الفوارق الجهويّة وعلى تحقيق نسبة نموّ تتراوح بين 5 و10 بالمائة وتوفير 20 ألف موطن شغل والحدّ من غلاء المعيشة، ولهذا استغلت جلّ الأحزاب هذه النّقاط في برامجها الاقتصادية دون النّظر الى الواقع الاقتصادي الحالي ودون اعتبار برامجنا الاقتصاديّة المتّفق عليها مع صندوق النّقد الدّولي.
وأوضح محدّثنا أنّ الثلاثة أنواع من البرامج الاقتصاديّ (الخياليّة والشعبويّة والظّرفيّة) أقربها الى الواقع النّوع الثّالث لكنّه قصير المدى ولا يمكن أن يحدث نقلة أو تطوّرا على المستوى الاقتصادي، خاصّة وأنّ منوال التّنمية المعتمد في بلادنا مازال الى اليوم نفس منوال التّنمية الذي تمّ اعتماده منذ 30 سنة مضت، مضيفا أنّه يجب الحديث عن تغيير لمنوال التّنمية قبل الحديث عن برنامجا اقتصاديّا يحمل نسب منوال تنمية تتجاوز الـ 5 بالمائة على غرار البرنامج الاقتصادي لحركة النّهضة التي لم تتمكّن خلال فترة حكمها من بلوغ هذه النسبة.
وفي سياق متّصل، بيّن نفس المصدر أنّ كلّ البرامج الاقتصاديّة لمختلف الأحزاب دعت الى اصلاحات في العموم دون ذكر تفاصيل دقيقة على محتواها، وهذا يفسّر على حدّ تعبيره أنّ الهدف من هذه البرامج لا يتعدّى الإغراء لاستقطاب الفئات الضّعيفة، باعتبار أنّ هذه الفئات الضّعيفة أصبحت مخزون انتخابي يتدافع حوله المترشّحون للانتخابات التّشريعيّة للفوز بعدد كبير من أصواتهم.
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي إنّ جلّ الاحزاب التونسية ليس لديها مرجعيّة اقتصاديّة وكثيرة التّفاؤل مقارنة بالواقع، اذا ما وضعنا في اعتبارنا العجز بـ 40 بالمائة من الميزانيّة، مضيفا أنّ جلّ الأحزاب لم تتطرق الى البرامج الجذريّة البروقراطيّة والعراقيل الاداريّة والرّشوة والفساد الاداري وهيكلة الاقتصاد التونسي والانتاجيّة واكتفت بالحديث عن برامج غير واقعيّة ممّا يؤكّد على حدّ تعبيره أنّ هناك ضبابيّة وعدم تلاءم مع الواقع التّونسي.
هدى