هي فتاة مرت كغيرها بتجربة البطالة ,نشاطها صلب الاتحاد العام لطلبة تونس رأت فيه خطوة أولى لها نحو العمل النضالي وانحياز كلي لقضايا أرهقت كاهل المجتمع ودفعت به نحو الثورة . البطالة والأمية والفقر …كلها عوامل فتحت الأبواب بعد اندلاع ثورة الكرامة والحرية للعمل المؤسساتي والجمعياتي الذي غيب في الماضي ولبس جلباب الانجازات الوهمية خاصة منها المتعلقة بالجمعيات النسائية التي وظفت المرأة وأساءت لها مقابل تلميع أجندات النظام السابق.
وفاء دريدي اختارت أن تكون رئيسة لجمعية النهوض بالمرأة العربية التي تأسست بعد ثورة 14 جانفي إيمانا منها بدور المرأة في تحقيق نهضة المجتمعات وحتى تصر على التصدي لما أسمته بقوة الردة والتخلف دفاعا عن حق المرأة في المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي والاجتماعي والتربوي والاقتصادي.
سؤال: أين هي المرأة العربية من التحول الحاصل في أغلب الدول العربية؟
-في البداية أريد أن أشير إلى أن هناك فرقا كبيرا بين ما كان يروج في السابق حول المرأة من خلال وسائل الإعلام وبين واقع المرأة المعيش ,فحتى التشريعات والقوانين الخاصة بها لم تكن مفعّلة بما فيه الكفاية بل كانت في تونس أو في الأقطار العربية الأخرى مجرد بهرج إعلامي اتخذتها الأنظمة السابقة لتزيّن وتلمع بها صورها أمام الرأي العام الدولي.
لكن إثر الحراك الشعبي لا أحد ينكر حصول انفتاح خاصة على مستوى الحريات وبروز مؤسسات ومنظمات وجمعيات عزّزت حضورها دون التقيد بإملاءات أو المرور عبر أجهزة النظام الحاكم.
ففي تونس على سبيل المثال رأينا المرأة منصهرة في مجمل الحراك الشعبي تقف ملاصقة للرجل كما كانت في القصرين وسيدي بوزيد وصفاقس تدفع بأبنائها نحو الاستشهاد دفاعا عن الكرامة والحرية.
سؤال:لكن لا يمكن أن ننكر أنها لا تزال مستبعدة خاصة في مواقع صنع القرار؟
-هذا صحيح فبعد سن قانون التناصف كنا نتصور أنها ستأخذ حظها بما يتماشى مع الدور الذي اضطلعت به أثناء الثورة لكننا فوجئنا انه حتى في تطبيق التناصف كانت نسبة النساء المترئسات للقوائم ضعيفة و على مستوى النتائج الحاصلة نجد بين 40 أو 50 وجها نسائيا داخل المجلس الوطني التأسيسي أغلبهم من حزب واحد وهو الحزب الحاكم مما يقودنا للقول أننا لم نخرج من مستوى التمثيلية الأحادية النسوية داخل المشهد السياسي وأن المرأة لن تكون فاعلة لأنها تخضع للحزب الحاكم الذي تنتمي إليه كما أنه لا يمكننا الحديث عن تنوع فكري أو سياسي وهو ما انعكس جليا على تحمل الحقائب الوزارية التي تكاد تقتصر على اثنتين.
سؤال:في تونس وحسب أخر مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء تعد الأرقام بالنسبة للطلاق والأمية
والبطالة في صفوف النساء مفزعة .فما هو دوركم كجمعية في هذا الإطار؟ – تتراوح حالات الطلاق سنويا في تونس بين 12 و13 ألف حالة وتبلغ نسبة المعطلات عن العمل من حاملات الشهائد العليا 43.8بالمائة .كما أن نسبة الأمية لدى الإناث تقدر ب25.9بالمائة في حين أنها 11.5بالمائة بالنسبة للذكور علما وأنها نسب لمن لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات أما بالنسبة للامية بشكل عام فتبلغ لدى الإناث نسبة 40.1بالمائة في الريف و18.5 في الوسط الحضري يقابلها 19.5بالمائة بالنسبة للذكور في الريف و7.4بالمائة في الوسط الحضري.
وفي ظل هذا الوضع رصدنا كجمعية هدفها الدفاع عن مكتسبات المرأة وإعداد برامج لتحفيزها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا رصدنا برنامجا مستقبليا سنعمل من خلاله على تقديم دروس مجانية في محو الأمية وتأطير المطلقات وكذلك القيام بدورات تكوينية للمعطلات خاصة في مجال الحرف.
سؤال:صعود التيارات الإسلامية للحكم إلى أي مدى يشكل خطرا على مكتسبات المرأة؟
-أعتقد أن ذلك مرتبط بمدى جدية المرأة والمجتمع المدني في تبني تلك المكتسبات والاستماتة حولها مما لا يسمح لأي طرف كان بالعبث أو المساس بها. ففي الماضي كانت المواضيع المتعلقة بالمرأة يتجاذبها طرفان الليبرالي من ناحية و النظامان السابقان النظام البورقيبي ونظام بن علي من ناحية أخرى . لكن اليوم تغير الوضع حيث بقي الطرف الليبرالي وظهر طرف ثان وهو التيار الإسلامي الذي وجهت له العديد من المؤاخذات على أساس تناوله للمرأة من جانبها المادي الجسدي.
سؤال:وموقفكم كجمعية من العنف التي تعرضت له بعض الأستاذات الجامعيات وخاصة ما أصبحت تتعرض له المرأة على وجه الخصوص من مضايقات تمس اللباس؟ -أولا نحن نرفض العنف داخل الفضاء الجامعي مهما كان مأتاه وأعتقد أن ما حدث أريد له- وهو فعل مقصود – تحويل وجهة الرأي العام تجاه قضايا هامشية في الوقت الذي تطرح فيه العديد من القضايا الأساسية على غرار التشغيل والتنمية…
أما فيما يتعلق باللباس فنحن مع حرية اللباس لكننا نقر أيضا انه للفضاء الجامعي حرمته فلا يعقل مثلا أن نشاهد طلبة بلباس غير محتشم أو غير أخلاقي .
سؤال:زوجة الرئيس السابق بن علي استغلت موقعها كسيدة أولى وتدخلت في قضايا المرأة لتوظيفها سياسيا.ما هو تعليقك؟
-من المؤكد أن النظام السابق لم يترك مجالا إلا وتدخل فيه ووظّفه لصالحه حيث أن ليلى الطرابلسي استغلت موقعها لا لتطرح قضايا جدية تهمّ المرأة بل لتحافظ على صورة النظام والسعي إلى تلميع صورته .
سؤال: إلى أي مدى يمكن اعتبار دستور 1959 ومجلة الأحوال الشخصية( 1956 ) مصدر استلهام بالنسبة للدول العربية الأخرى في ما يتعلق بمكتسبات المرأة التونسية؟
-أريد أن أشير إلى أن مجلة الأحوال الشخصية هي اجتهاد بشري حققت من خلالها المرأة التونسية مكتسبات عديدة ونحن كجمعية متمسكون بهذه المكاسب لكن ما نرفضه هو التعامل المقدس مع ذلك النص الذي نرى ضرورة في تطويره كما أعتقد أن كل ماهو اجتهاد بشري لا يمكن أن نطالب بتطبيقه واعتماده في أقطار عربية أخرى نظرا لاختلاف الخصوصيات لكن مع ذلك فاحتمال الاقتداء به يبقى واردا. سؤال:في اعتقادك عند صياغة الدستور التونسي الجديد هل سيتم مراعاة هذه المكاسب أم ستكون الشريعة الإسلامية مصدرا له يكرس فيه الفكر الأبوي الذكوري؟
-الدساتير بشكل عام تعتمد عديد المراجع في تحديدها ونحن نوافق أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر الدستور وليست الوحيدة لأن هناك في شريعتنا ما يكفي لحماية حقوق المرأة. سؤال:وماذا عن الضمانات في صورة عدم التزام التيارات الإسلامية الصاعدة بمبادئ الديمقراطية بعد وصولها إلى الحكم؟
-لا أرى خوفا في ذلك خاصة في ظل عمل الجمعيات والمجتمع المدني للحفاظ على هذه المكتسبات كما اعتقد أن الضامن الوحيد هو الشارع والفعل النضالي, فطالما بقي الشارع يقظا وحذرا فلا خوف من الرجوع إلى الوراء.
سؤال: حسب رأيك ما هي نقائص الحركات النسائية في تونس؟
-كنت ناشطة في الاتحاد العام لطلبة تونس ولم تكن تمثيلية الفتاة تطرح إشكالا لكن لا نستطيع الحديث عن نقائص في الحركة النسائية في هذه الفترة أولا لان المشهد السياسي العام لم يتضح بعد ثم لأننا لا يمكن أن نحكم عليها من مجرد تبني القضايا النسوية وإنما استنادا لمجمل القضايا الأخرى.