تونس-افريكان مانجر
منظومة التحكيم الدولي ،و التي وصفها رئيس المحكمة الدولية الدائمة للتحكيم البشير سعيد ، بالمُكمل للقضاء ،فهي تتشكل في ظل التحولات العالمية و تعول على سلطان الإرادة ، حيث أن المستثمر الأجنبي و المتعامل مع مختلف الأقطاب هو في حاجة إلى هيئة تحكيمية يختارها لتكريس إرادته في هذا الاختيار .
و في هذا السياق قال سعيد في حديث خص به “افريكان مانجر ” على وجود عدة اتفاقيات اهتمت بمجال التحكيم الدولي على غرار اتفاقية “نيويورك لسنة 1958 ” و اتفاقية واشنطن لسنة 1965 و كذلك مجلتي التحكيم و الاستثمار التونسيتين .
بالإضافة إلى ذلك فان هذا المولود الجديد , و الذي انتصب مؤخرا في تونس , جاء بالأساس لفض النزاعات في محيطها المحلي و الدولي كما يوجد عديد المقرات للمحكمة في أنحاء العالم .
محكمين مختصين في عدة مجالات
و يتحصل كل متكون في محكمة التحكيم الدولي بحسب رئيسها على تكوين لمدة 9 أشهر بمختلف الدرجات و المجالات مشيرا الى وجود في هذا السياق “محكمين ” مختصين في التحكيم القانون الإداري و في عقود البناء و عقود نقل الملكية و التحكيم في عقود البترول و التحكيم في مجال النقل بجميع أصنافه و التحكيم الالكتروني و التحكيم الرياضي و التحكيم في مجال الاستثمار و حقوق الملكية الفكرية…
و تتكون المحكمة من مجلس علمي و استشاري يترأسها أهم القضاة على غرار القاضي جمال شهلول و فريد السقا و كمال مرجال كرئيس شرفي للمحكمة باعتباره مبعوث أممي.
و تحدث رئيس المحكمة على أهمية طابع السرية الذي تنتهجه المحكمة في عملها باعتبار ان المستثمرين في حاجة إلى هذه الميزة , منوها بان مؤسستهم تنظر في كل القضايا ما عدى ما استثنته التشريعات الدولية و هو الزواج و الطلاق و الجنسية و كل ما يهم النظام العام و الأخلاق الحميدة .
و حول فروعهم في مختلف أنحاء العالم ذكر سعيد على سبيل الذكر لا الحصر ، فروع المحكمة بكل من دولة قطر و النيجر و لندن و فرنسا و عمان و ليبيا و السعودية و الكويت ..
لا دخل للمحكمة في أزمة التحوير
أما في ما يهم الأزمة السياسية التي تعيشها تونس مؤخرا ، اعتبر البشير سعيد ما يحدث جدلا قانونيا ، و أن الدستور التونسي بقطع النظر عن هاناته يعتبر مرجع بالنسبة لاختصاصات رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب .
و أضاف :”بتأملنا للدستور نجد أن اختصاصا مطلقا للمحكمة الدستورية لفض مثل هذه النزاعات ، و حيث ان المبدأ في كل حالة من الحالات فان محكمة التحكيم الدولية لا يمكن لها أن تنظر في أي قضية تهم النظام العام و لا يمكن لأي حال من الحالات في ان تنظر في ملف يهم سيادة الدولة .”
و أشار إلى انه قد تم تداول هذه المسألة داخل المجلس العلمي و الاستشاري للمحكمة و تم الاتفاق على أن هذا الإشكال لا يمكن ان تقوم فيه بالتحكيم غير أنها يمكن أن تلعب الدور الاستشاري ان طلب منها ذلك.
وحول رؤيته لحل مأزق التحوير الوزاري أو ما يعرف بأداء اليمين الدستوري ، قال محدثنا بان الحل يكمن الآن في الحوار بين رؤوس السلطات الثلاث (الرئاسية و التشريعية و التنفيذية ) ، معتبرا قيس سعيد الضامن لسيادة الدستور و علويته لاستمرارية الدولة ، كما أن رئيس الحكومة مسؤول على المرفق الإداري بحسب تقديره .
و توقع رئيس المحكمة الدولية التحكيم أن يتم تغليب “لغة العقل ” و ذلك عبر التقاء كل من رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و لما لا رئيس مجلس النواب للحوار و النقاش لإيجاد حل .
و أردف بالقول :”أنا اعتقد أن هنالك ميزة تملكها تونس و لا تملكها دول أخرى و هي العقل الناقد و الذي يتم من خلاله دائما اختيار مصلحة البلاد قبل كل شئ .”
و عبر سعيد عن تفاؤله للذهاب نحو انفراج هذه الأزمة التي تكمن بحسب رأيه في طريقة تأويل الدستور ، معتبرا ان ذلك يتطلب شجاعة و تنازلا من الأطراف المذكورة .
من جهة أخرى دعا رئيس محكمة التحكيم مجلس النواب لانتخاب المحكمة الدستورية لاعتبار أهميتها لحل مثل هذه القضايا .
طابع السرية
و بالعودة مع رئيس المحكمة البشير سعيد لطريقة عمل المحكمة ، فقد أوضح لنا ان التحكيم الدولي يقتضي نوعا من السرية و التحفظ مما يجعل المحكمة لا تخوض علنا في القضايا الموكلة إليها علنا ، مشيرا إلى أنها قد نظرت مؤخرا في قضايا تهم الاستثمار و المالية و حتى التي تهم ملك الزوج و الزوجة .
و تمارس المحكمة الوساطة و الصلح والتحكيم مشيرا إلى أن القرار التحكيمي لها يكسب الصبغة التنفيذية اما في حال الصلح فيتم إبرام اتفاق بين الطرفين المتنازعين عن طريق عدل إشهاد ليكسب حجية الأمر المقضي به .
الصلح في قضية البنك الفرنسي التونسي
و حول قضية البنك الفرنسي التونسي ، اعتبر سعيد انه لو ترك الأمر منذ بدايته للمحكمة الدولية للتحكيم فكانت ستحله
و اعتبر ان هذا الحكم قابل للمراجعة عن طريق المصالحة حيث انه و بعد صدور الحكم في هذه القضية ، فان تدخل المحكمة يكون في حالة وحيدة و هي عندما تطلب تونس الصلح و التفاوض مع الجهة المنازعة بحسب قوله .