تونس-افريكان مانجر
تعتبر الهيئة التونسية للاستثمار من أهم ركائز الحوكمة التي جاء بها قانون الاستثمار لسنة 2016 ، رئيس الهيئة بليغ بن سلطان تحدث في حوار مطول ” لافريكان مانجر” عن أهميتها في تطوير مناخ الأعمال في تونس ودفع نسق الاستثمار مبينا في الآن ذاته أنه بالرغم من التداعيات السلبية لفيروس كوفيد 19 على الاقتصاد الوطني فإن نسبة الاستثمارات المصرح بها شهدت تطورا بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019.
في بداية الحوار، تولى رئيس الهيئة التونسية للاستثمار التعريف بها، حيث تم إحداثها لتكون “المخاطب الوحيد ” للمستثمر لتعمل من خلال تبسيط و تسهيل كللإجراءات لفائدته طيلة مختلف مراحل انجاز الاستثمار.
وأضاف أن الهيئة هي الهيكل الوحيد المخول له التدخل في كافة مراحل إنجاز عمليات الاستثمار من خلال الإحاطة بالمستثمر وتوجيهه(دراسة وتقييم المشاريع ، الحصول على التراخيص، الىجانبالتنسيق مع الهياكل المعنية الضرورية لتسوية الجوانب العقارية اللازمة لإنجاز المشاريع …).
كما تتمتع بصلاحيات شاملة بمقتضى القانون للإشراف على الإستثمار في مختلف جوانبه، باعتبار أن الهيئة تضطلع بدور استراتيجي يتمثل في إقتراح الإصلاحات و الإستراتيجيات المتعلقة بتحسين مناخ الإستثمار من خلال آليات حوار دائم بصفة دورية مع ممثلي قطاع الخاص في اطار أعمال المجلس الاستراتيجي للهيئة الذي يمثل قوة اقتراح حيث تعرض مخرجاته على انظار المجلس الأعلى للاستثمار الذي يرأسه رئيس الحكومة ويتولى بدوره خلال جلساته الدورية إقرار الإصلاحات و سياسات الدولة الإستثمارية والمصادقة على المشاريع ذات الأهمية الوطنية
كما تضطلع بدور عملي يتمثل في إسداء كافة الخدمات اللازمة لانجاز عمليات الاستثمار عبر المنصة الرقمية للهيئة و المتعلقة بالتصريح بالإستثمار و التكوين القانوني و إسناد التراخيص و الإمتيازات و دراسة المشاريع ذات الأهمية الوطنية و تقييمها و معالجة العرائض عن بعد .
لا تراجع في نسب الاستثمار
و أكد محدثنا أنه من الصعب الحسم في التأثيرات الفورية للأزمة الصحية (كوفيد19) على الاستثمار التونسي والدولي،مؤكدا أنه إلى حد الآن هناك اهتمام متواصل للمستثمرين الأجانب بتونس كموقع استراتيجي لانجاز مشاريعهم الاستثمارية ويمكن لمس ذلك من خلال نسبة عمليات التصريح بالاستثمارات وخاصة منها التوسعة حيث بلغت نسبة 43% من جملة الاستثمارات المصرح بها.
و أوضح في السياق ذاته، أنه من خلال المرافقة الدائمة التي تقوم بها الهيئة لفائدة المستثمرين تبين أن المؤسسات المنتصبة ببلادنا ماضية في تطوير مشاريعها وتنفيذ برامجها الاستثمارية الإستراتيجية بالرغم من جائحة كوفيد 19 مما يعتبر بحسب ذات المصدر مؤشرا إيجابي الثقة المستثمرين و معطى هام للمراهنة عليه لتطوير الاستثمارات والترويج لتونس كوجهة استثمارية جاذبة في عدة قطاعات لما تزخر به من كفاءات وطاقات و أهمية التركيز على الجوانب الإيجابية للخارطة الجديدة للاستثمار في العالم ما بعد الأزمة و لاسيما فيما يتصل بدعم المشاريع القائمة و مساعدتها على تعزيز ديمومتها و المحافظة على مواطن الشغل و استكشاف فرص جديدة في إطار إعادة المتوقع للعديد من المؤسسات العالمية و العمل على إقناعها بما توفره تونس من مزايا، الى جانب العمل على تنويع مصادر الاستثمار واستغلال الفرص في القطاعات الواعدة في المرحلة القادمة و أهمية تسريع نسق الرقمنة في مختلف المجالات.
كما أوضح محدثنا أنه بالرغم من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد العالمي بصفة عامة و الاقتصاد التونسي بصفة خاصة،فقد تبين من خلال الإحصائيات المتعلقة بالإستثمار لدى الهيئة أن هناك تطور إيجابي لأهم مؤشرات الاستثمار بالنسبة لسنة 2020 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019 حيثبلغ عدد المشاريع المصرح بها خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2020 لدى الهيئة التونسية للاستثمار 37 مشروعا بحجم استثمار جملي يقدر بــ1677 مليون دينار مما سيمكن من إحداث 10221 موطن شغل .
وهذا التطور في حجم الاستثمارات المصرح بها سجل زيادة بنسبة 106 بالمائة من حيث عدد المشاريع و 94 بالمائة من حيث كلفة الاستثمار و145بالمائة من حيث مواطن الشغل المزمع إحداثها مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2019.
كما أشار رئيس الهيئة إلى ضرورة تضافر كل الجهود حتى تتمكن هذه المؤسسات من بلورة مشاريعها بصفة فعلية وخلق مواطن الشغل المرتقبة مؤكدا أن العديد من المشاريع هي في طور الإنجاز
و حول التوزيع الجغرافي لهذه الاستثمارات، أفاد بن سلطان أن المشاريع المصرح بها والمشار إليها سابقا تتوزع على 19 ولاية تونسية ، من بينها 16 مشروع منتصب بمناطق التنمية الجهوية (أي بنسبة 43 بالمائة من عدد المشاريع المذكورة)و كلفة جملية تقدر ﺑ 451.61 مليون دينار (أي بنسبة 30 % من كلفة الاستثمارات الجملية للمشاريع المصرح بها) وبطاقة تشغيلية تقدر بـ 2509 موطن شغل .
و تتوزع المشاريع بحسب بليغ بن سلطان ، على عدة قطاعات أولها الصناعة و التي تستأثر ب19 مشروع بكلفة استثمار تساوي 674 م د وبطاقة تشغيلية تقدر بـ 7142 موطن شغل ، يليها قطاع الطاقات المتجددة ب9 مشاريع بكلفة استثمار تساوي 506م د وبطاقة تشغيلية تقدر بـ 160 موطن شغل و من ثم نجد قطاع الخدمات ب06مشاريع بكلفة استثمار تساوي 219م.د وبطاقة تشغيلية تقدر بـ 1847 موطن شغل بالإضافة إلى 3 مشاريع سياحية بكلفة استثمار تساوي 277م.د وبطاقة تشغيلية تقدر بـ 1072 موطن شغل.
رقمنة الخدمات الموجهة للمستثمرين
بهدف العمل على تحقيق الانتقال الرقمي بخصوص الخدمات المسداة للمستثمرين أكد بليغ بن سلطان أن الهيئة منذ إحداثها عملت على رقمنة خدماتها للمستثمرين على غرار خدمة التصريح بالاستثمار و خدمة التكوين القانوني للمؤسسات و مطالب الحصول على التراخيص و مطالب الحصول على الحوافز و إيداع ملفات المشاريع ذات الأهمية الوطنية إضافة إلى معالجة العرائض .
و تعمل الهيئة بحسب رئيسها مستقبلا على رقمنة الخارطة العقارية الصناعية،مع إسداء عدة خدمات أخرى عن بعد مثل طلب بطاقات الإقامة للمستثمرين الأجانب، و خدمات الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالإضافة الحصول على المعرف الديواني،آليات التنسيق مع مختلف المتدخلين على المستوى الجهوي لتوجيه ودفع نسق الاستثمار بالجهات.
قانون الاستثمار
وإجابة على سؤالنا حول تقييم قانون الاستثمار أفاد رئيس الهيئة أن القانون عدد 71 لسنة 2016 المؤرخ في 30 سبتمبر 2016 والمتعلق بقانون الاستثمار، نص على أنه يدخل حيز التطبيق بداية من سنة 2017 غير أن تنفيذ جميع أحكامه بصفة فعلية لم يتم استكماله إلا مؤخرا وخاصة منها المتعلقة بحوكمة الاستثمار حيث أن الصندوق التونسي للاستثمار الذي تم إحداثه بالفصل 16 لم يتم تفعيله إلا في أواخر أوت من سنة 2020، هذا بالإضافة إلى أن بعض آلياته التي مازالت غير مفعلة و تحتاج إلى تضافر كل الجهود لاستكمال منظومة الاستثمار و إرساء آليات التنسيق و تبسيط الإجراءات من اجل توفير خدمات ذات جودة للمستثمرين و المساهمة في الترويج لصورة إيجابية لتونس.وعليه يمكن القول أن عملية التقييم سابقة لأوانها حاليا.
و شدد مصدرنا ، على ضرورة المحافظة في الوقت الراهن على استقرار النصوص القانونية الخاصة بالاستثمار وإعطاء الوقت الكافي لتطبيقها على أن يتم في مرحلة لاحقة تقييمها مؤكدا على ضرورة تطبيق الأحكام التي أتت بها النصوص القانونية بصفة فعلية ومواصلة مسار رقمنة الخدمات للمستثمرين والتي تعتبر من أهم دعائم تحسين مناخ الأعمال ودفع الاستثمار.
ختاما، كانت النظرة التفاؤلية طاغية على حديث رئيس الهيئة التونسية للاستثمار الذي أكد لنا كذلك على أهمية دعم الروابط و الاقتراب اكثر من الكفاءات التونسية بالخارج و الإنصات إلى مشاغلهم و مساهمتهم في إنعاش الاقتصاد التونسي باعتبارهم أحد الدعائم الأساسية للنهوض بالاقتصاد الوطني والاستثمار في بلادنا الى جانب العمل على ” الاتصال المباشر”بالمؤسسات وتوفير خدمات القرب لتشجيع المؤسسات التونسية والأجنبية وحثها على الاستثمار و توسعة مشاريعها في تونس ومزيد استكشاف فرص استثمارية أخرى لبلادنا.