تونس- افريكان مانجر
شدّد مدير التنمية بمجمع “دليس ” عبد الرحمان سعيّد على أنّ ضمان جودة منتجات الحليب ومشتقاته في علاقة وطيدة بجودة الحليب الذي يُقدمه الفلاح، مُشيرا في هذا الصدد الى ان الشركة تحرص على الإلتزام والتقيد بالمواصفات العالمية، وقد أعدت للغرض استراتيجية جديدة محورها الأساسي الفلاح وتحسين وضعه المادي.
شراكات وعقود انتاج مع الفلاحين
وأبرز في حديث مع “افريكان مانجر” أنّ الإشكالية التي تُواجه الصناعيين في تونس اليوم، هي “كمية الجراثيم الموجوة في الحليب ذلك ان المواصفات العالمية تنصّ على احتواء المللتر الواحد لأقل من 100 ألف جرثومة في حين أنّ الحليب المجمع من قبل المُربي التونسي يحتوي أحيانا على ما لا يقلّ عن 10 ملايين جرثومة وهو ما يؤدي في العديد من الحالات الى عدم قبوله على مستوى الشركة المصنعة وبالتالي اتلافه والتسبب في خسائر هامة للفلاح ولمنظومة الالبان ككلّ”.
ولفت أيضا، إلى أنّ تدني جودة الحليب بمركزيات الحليب يُؤدي الى ضعف تنافسية المصنعين التونسيين في الخارج وخسارتهم لأسواق خارجية وبالتالي “من الصعب التسابق مع بلدان أجنبية عند عملية التصدير”، بحسب إفادته.
وسعيا منها لتوفير منتوجات عالية الجودة وبمواصفات عالمية، أكد المسؤول بالشركة أنّ مجمع “دليس”، قام بشراكة مع الفلاحين وتمّ تمكينهم من خزانات تبريد تركز في الضيعات، ويتمّ وضع الحليب مباشرة بعد الانتهاء من عملية حلب الأبقار في خزانات تبريد بما يضمن سلامته والتقليص بشكل كبير من عدد الجراثيم.
وقد مكنت “دليس” عدد هام من الفلاحين من خزانات تبريد بقيمة 1,5 مليون دينار، علما وأن ثمن الخزان الواحد يتراوح بين 10 و20 ألف دينار، إستنادا الى ما أكده مُحدثنا، مبينا ان الشركة ستعمل على تعميم هذه التجربة وإبرام شراكات مباشرة مع المُربين بما يضمن جودة منتوجاتها في السوق التونسية وتدعيم قدراتها التنافسية على المستوى العالمي.
وقال إنّ عمليات تجميع الحليب بالطريقة التقليدية وبقاءه لفترات طويلة تحت أشعة الشمس ونقله فيما بعد الى المركزيات التي تحوله بدورها الى مصانع الالبان، تُؤدي الى تدني جودته.
وكشف عبد الرحمان سعيّد أنّ رقم معاملات مجمع “دليس” خلال سنة 2020 بلغ ألف مليون دينار، متابعا “فكرنا في الفلاح بإعتباره الحلقة الأبرز والأهم لتحسين الجودة وتوفير منتوج بمواصفات عالمية للمستهلك التونسي”.
الذرة العلفية للضغط على التكاليف
وفي سياق متصلّ، تحدّث سعيّد عن ضرورة تمكين الفلاح من التقنيات الحديثة وإتاحة الفرصة لهم للقيام بدورات تدريبية بحسب مجالاتهم، بما سيُمكنهم من تحقيق أرباح مالية وبالتالي تطوير أساليب عملهم وإنتاج حليب بالمواصفات المطلوبة.
هذا وبين أنّ للصناعي دور محوري وهام في تنمية صغار الفلاحين، مؤكدا على ضرورة التفكير في ديمومة المنظومة.
وأشار الى أنّ 90 بالمائة من قطيع الابقار في تونس لدى صغار الفلاحين الذين يواجهون إشكالية كبرى على مستوى تكلفة الإنتاج بما يجعل المشروع غير مُربح ، وقد قام مجمع “دليس” بشراكات مع الفلاحين سواء للتقليص من كلفة الإنتاج والضغط على المصاريف او لحسن التصرف في القطيع.
منذ سنة 2013، ومع تفاقم ظاهرة حرائق الضيعات ونفوق عدد هام من القطيع وعزوف البعض عن تربية الابقار، شرعت “دليس” في عقد شراكات مع نحو 2500 فلاح، مكنتهم خلالها من الحصول على حلقات تكوين تهمّ طريقة التصرف في القطيع حتى يكون المشروع مُربحا، ومن أهم النقاط إثارة مسألة الأعلاف الحيوانية الموردة والتي عرفت أسعارها إرتفاعا مهولا وهو ما يدفع لضرورة التفكير في منتوج تونسي بتكاليف أقلّ.
وفي مرحلة أولى، قامت الشركة بعملية الشراءات المجمعة لنحو 150 فلاحا للتخفيض في كلفة الإنتاج خاصة في المناطق التي تتوفر بها المناطق السقوية. وفي مرحلة ثانية، أطلقت مبادرة هي الأولى من نوعها في تونس، تتمثل في ابرام عقود لانتاج مادة الذرة العلفية المُصنفة كأفضل علف للابقار.
وشدّد، في المقابل، على أنّ التجربة اثبتت ان هذا النوع من الزراعات لا يستهلك كميات كبيرة من المياه بل يتطلب الري قطرة قطرة والتحكم في الكميات المستعملة، مشيرا الى ان البادرة انطلقت بـ 50 هك في حين ان تونس تحتاج الى 40 ألف هك من زراعة الطرة العلفية.
وقد تمّ إنتج اكثر من 50 طنا في الهكتار الواحد وهو معدّل يُضاهي الأرقام المسجلة في بلدان اجنبية على غرار المانيا وأمريكا.
تعميم التجربة
ويطمح مجمع “دليس” إلى مضاعفة المساحات المزروعة من الذرة العلفية خلال الـ 3سنوات القادمة، بما يضمن جودة منتجاتها.
دعا الى مزيد تعميم التجربة على كلّ الفلاحين للضغط على تكاليف الإنتاج والحصول على أجود أفضل أنواع الحليب، بما سيمكن من دعم القدرات التنافسية ليس لشركة “دليس” الرائدة في هذا المجال، فحسب، بل سيحسن ايضا جودة مختلف منتجات الشركات المصنعة التونسية في القطاع.