تونس-افريكان مانجر
أجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن مشروع ميزانية سنة 2014 يؤكد أن السياسة التي تعتمدها الحكومة الحالية هي سياسة الضعيف و المغلوب على أمره، و لم يتبق لها على حدّ قولهم إلا الزيادة في تقليص الدعم على بعض المواد الأساسية أو إحداث ضرائب جديدة في ظلّ تشنج اقتصادي و سياسي.
هذا وأكد عدد من المتابعين شأن الاقتصادي الداخلي أن الحكومة الحالية و من خلال مشروع ميزانية سنة 2014 تؤكد أنها تعتمد سياسة “تقشف” بترشيد النفقات بشكل مقنّع.
كما توّقع البعض بالتوازي مع هذه السياسة التقشفيةمزيد انخفاض قيمة الدينار التونسي بالنظر إلى تواصل تأزم الوضع السياسي، فالاقتصاد اليوم يدفع و على حدّ تعبير البعض منهم ضريبة السياسة.
الترفيع في الضرائب
تضمن قانون المالية لسنة 2014 إجراءات للتخفيض في كلفة دعم المحروقات وتوفير موارد إضافية خدمة لصندوق التعويض… وسيتم إحداث إتاوة دعم يتم توظيفها على السيارات الشعبية ذات خمسة خيول بقيمة 50 دينارا.
وستتراوح قيمة الإتاوة بين 50 دينارا و700 دينار باعتبار القوة الجبائية للسيارة.. وسيتم خصم الإتاوتين مبدئيا من سنتي 2014 و2015 حسب نوع السيارة ومقدار استهلاكها للمحروقات.
وحسب قانون المالية الجديد من المنتظر أيضا أن يتم الترفيع في الأداءت على بعض العقارات وسيتم فرض هذه الإتاوة حسب ما بيّنه وزير المالية في لقاءات إعلامية سابقة على المساكن الثانوية والأراضي الصالحة للبناء باستثناء المسكن الأصلي والأراضي الفلاحية.وسيتم تحديد قيمة هذه الضريبة حسب مساحة العقار وموقعه والخدمات التي ينتفع بها من قبل الجماعات المحلية.
وفسّر وزير المالية «الإتاوات» على السيارات باسترجاع مبلغ من الدعم الذي تضعه الدولة.
سياسة تقشف بالدرجة الأولى
إجراءات أثارت جدلا واسعا ،ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشارع التونسي قرارات تدعم مقدرته الشرائية جاءت وزارة المالية بقرارات يبدو أنها أحبطت المواطن.
و في هذا السياق بيّن الخبير المالي عز الدين سعيدان في تصريح” لافريكان مانجر” أن الحكومة الحالية لم تجد حلا لتحقيق توازناتها المالية سوى اللجوء إلى الزيادة في نسبة الضرائب أو خلق ضرائب جديدة أو الترفيع في أسعار المواد المدعمة.
وأضاف الخبير المالي أن 40℅ من الميزانية الحالية خصصت لتسديد خلاص أجور الوظيفة العمومية وهو أمر مفروض عليها، كما خصّصت 40℅ أيضا لتسديد الدين العمومي ولدعم موارد صندوق التعويض و في المقابل خصصت 20℅ فقط للتنمية.
و من هذا المنطلق لاحظ محدثنا أن مشروع الميزانية يؤكد أن الحكومة اختارت منهج سياسة التقشف وهو ما من شانه أن يعمق الأزمة الاقتصادية التي تدهورت على حدّ قوله جرّاء سوء تصرف الاختيارات الخاطئة.
من جانبه لاحظ الخبير الاقتصادي فتحي النوري أن الحكومة ارتكبت خطأ فادحا عندما اعتمدت حاليا على مبدأ الزيادة في المنظومة الجبائية قائلا انه كان من الأفضل على الحكومة الحالية ان تقوم بالترفيع في التداين و عدم المسّ من المنظومة الجبائية لان الوضع الراهن للبلاد لا يسمح بمزيد فرض اداءات على المواطن الذي يعاني بدوره من تدهور كبير في المقدرة الشرائية.
و في المقابل بيّن فتحي النوري أن المنظومة الجبائية في حاجة إلى إصلاحات خاصة في ظل الاختلالات المالية العمومية و ارتفاع نفقات الأجور وتفاقم التضخم المالي و ارتفاع نسبة البطالة.
“مجزرة شعبية”
ملامح ميزانية سنة 2014 أثارت بدورها استغراب الاتحاد العام التونسي للشغل الذي قال إنها تتسم بالضّغط على المصاريف وتغييب أي إجراء من شأنه أن يحافظ على المقدرة الشّرائيّة للمواطن أو تحسينها وبمراجعة ميزانيّة الدّعم في غياب أي استشارة أو تواصل مع المواطن أو الأطراف الاجتماعيّة و التّقليص في ميزانيّة التّنمية .
و ذهب الاتحاد إلى ابعد من ذلك حيث وصف أمينه العام المساعد سامي الطاهري مشروع ميزانية 2014بالمجزرة الشعبية التي تعدها الحكومة المؤقتة المستقيلة لتزرع على حدّ قوله لغما للحكومة القادمة .
يذكر أن الإتحاد وجه مؤخرا انتقادات لاذعة للحكومة لأنها لجأت إلى استعمال مدّخرات البلاد المتبقيّة من بيع حصّة من رأس مال اتصالات تونس والمقدرة بــ1636 م د وطلبت من صندوق النّقد الدّولي استعجال القرض الائتماني لتخصيص جزء منه لدعم الميزانيّة وهو ما سيجعل الصّندوق يفرض شروطا مجحفة على البلاد وما اعتبره “سياسة الهروب إلى الأمام”.
بسمة المعلاوي