تونس- افريكان مانجر
عاد الحديث من جديد خلال هذه الفترة عن أزمة نقص الأدوية في تونس سواء كانت حياتية أو غيرها، ويرى البعض أنّ الوضع المالي الصعب للصيدلية المركزية حال دون خلاص المزودين الأجانب الأمر الذي دفعهم لرفض تلبية طلبات الأدوية التي تحتاجها البلاد.
وعاد أيضا إلى الواجهة، التساؤل بقوة حول مخزون الأدوية والأسباب الحقيقة لاضطرابات التزود.
حول هذه المحاور وغيرها التقت “افريكان مانجر” الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية التونسية البشير اليرماني، وقد نفى كلّ ما يروج عن وجود “أزمة”، مُؤكدا أنّ الدواء المفقود لا يعني عدم توفره تماما بل أنّ مدة تغطيته تقلّ عن 3 أشهر.
1500 صنف دوائي
وأفاد أنّ الصيدلية المركزية تقوم بتسويق حوالي 1500 صنف دوائي موجه للقطاعين الاستشفائي العام والخاص، لافتا الى انه تبعا للمنشور الوزاري عدد 78 لسنة 2008 الذي ينص على ضرورة مسك مخزون استراتيجي من الادوية يعادل كمية مبيعاتها بالوحدة من كلّ صنف دوائي لفترة 3 أشهر على الأقلّ بالنسبة لكافة أصناف الأدوية الموردة، وكذلك بالنسبة للأدوية المصنعة محليا.
وتقوم الصيدلية المركزية أسبوعيا بإعداد قائمة للأصناف الذي بلغ مستوى التغطية فيه دون 3 أشهر.
وأضاف مُحدثنا ان مستوى التغطية، عموما ، بلغ مع موفى شهر فيفري 2022، حوالي 3 أشهر بقيمة 459 مليون دينار، وأكد تسجيل بعض الاضطرابات في التزود والتي شملت بعض الأدوية الموجهة للأمراض المزمنة، وهي محلّ متابعة حينية من قبل المرصد الوطني للأدوية بإدارة الصيدلة والدواء وبالاشتراك مع ممثلين عن نقابة ممثلين عن المصنعين المحليين والصيدلية المركزية عبر اجتماعات دورية لتباحث السبل الكفيلة لتخطي هذه الاضطرابات واتخاذ التدابير اللازمة للحدّ منها.
وأوضح أن الصيدلية المركزية تضبط أسبوعيا قائمة بالأدوية التي تشهد نقصا، مبينا ان الأصناف التي يكون فيها المخزون صفر لا تتجاوز الـ 7 بالمائة.
اضطرابات في التزويد
واستنادا إلى المصدر ذاته، فإنّ أسباب هذه الاضطرابات تعزى إلى ارتفاع معدل الاستهلاك لعديد الأصناف الدوائية بنسب تفوق 200 % والمستعملة في إطار التكفل بمرضى كورنا بأقسام الاستعجالي مما دفع بالصيدلية المركزية لأخذ التدابير اللازمة لتعزيز المخزون الاستراتيجي لهذه الأصناف.
كما تحدث عن رفض بعض المخابر الأجنبية تلبية أذون التزود الصادرة عن الصيدلية المركزية وذلك في إطار تفضيل تغطية حاجياتهم الوطنية من الأدوية المستعملة في إطار الجائحة لذلك قامت المؤسسة بتوفير الأدوية البديلة، وأشار أيضا الى أنّ الشح المسجل او الغلاء المشط للمواد الأولية على المستوى العالمي دفع ببعض المزودين المحليين والأجانب الى صرف النظر عن انتاج بعض الأدوية مما ينتج عنه اضطراب في التزود بصفة مسترسلة.
وفي ذات السياق، قال البشير اليرماني إنّ انكباب بعض المصنعين على صنع الأدوية ذات العلاقة بالجائحة، أثر سلبا على نسق انتاج بعض الأصناف.
انتعاشة مالية مُرتقبة
وفيما يتعلق بالوضع المالي للشركة، كشف ان قيمة الدين لدى المزودين الأجانب تقدر حاليا بحوالي 700 مليون دينار متابعا أنّ ” صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي العام الذي تمر به الصيدلية المركزية ناتج عن تفاقم مستحقاتها لدى الهياكل العمومية وهو ما تسبب في وجود صعوبات مع المزودين الدوليين نتيجة تأخر صرف مستحقاتهم المالية في الآجال حيث بلغ مستوى التأخير 14 شهرا”.
ورجح اليرماني إمكانية تحسن الوضعية المالية للشركة في غضون الفترة القليلة القادمة باعتبار ان قانون المالية التكميلي لسنة 2021 رصد اعتمادات بقيمة 200 مليون دينار للهياكل الصحية العمومية وهو ما سينعش خزينة الصيدلية المركزية ويحسن العلاقة مع المزودين الأجانب وسيُقلص من مدة التأخير.
وشدّد على أن الحوارات لم تتوقف مع المصنعين الأجانب لضمان تزويد تونس بالأدوية المطلوبة وبالتالي تحسين مستوى المخزون الوطني علما وإنّ المداخيل الشهرية للشركة تتراوح بين 115 و120 مليون دينار، بحسب تصريح اليرماني.
وإجمالا، يرى الرئيس المدير العام أن النقص موجود في كل البلدان وتونس ليست بمعزل عن العالم.
التهريب والسرقة… الحلّ في الرقمنة
وفي حديثه عن النقص الفادح في الادوية ببعض المؤسسات الصحية العمومية وإمكانية تعرضها للسرقة، قال اليرماني إنّ الحلّ يكمن في الرقمنة والتي ستسمح بمتابعة مسارها منذ دخول التراب التونسي الى غاية وصولها الى المواطن، أما بخصوص استفحال ظاهرة التهريب وارتفاع الكميات المحجوزة فقد أفادنا أنّ الصيدلية المركزية ليست المتدخل الرئيسي في هذا الملف غير انه رجح ان يكون السعر المنخفض للادوية مقارنة بالدول المجاورة احد اهم اسباب تزايد عمليات التهريب.
صناعة الادوية: قطاع واعد
ويرى بشير اليرماني أنّ صناعة الأدوية في تونس من أهمّ القطاعات الواعدة، ويضمّ اليوم 31 مصنعا على ملك تونسيين، وقد حققت بلادنا الاكتفاء الذاتي في تصنيع الدواء المحلي بنسبة ناهزت الـ 40 بالمائة، بحسب تأكيده.
وإعتبر أنّ اقتحام التونسيين لصناعة مواد حياتية نحتاجهم في اقسام الانعاش او أدوية لأمراض القلب او شروعهم في انتاج ادوية لعلاج امراض سرطانية، مؤشر هامّ يعكس مدى تطور القطاع، متابعا ” الصناعة التونسية لها مستوى معروف والعديد من المصنعين الاجانب يريدون الدخول الى بلادنا بإعتبار ان قبول ملفهم ومنحهم رخصا تسويقية يعني انه ادرك مستوى معين من النجاعة”.