تونس- افريكان مانجر
أكثر من 3 آلاف طبيب تونسي غادروا البلاد للعمل في الخارج خلال الـ 5 سنوات الأخيرة، وفقا لمؤشرات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، فيما خصلت دراسة أنجزتها جمعية الأطباء التونسيين وشملت عينة بـ 393 طبيب، أنّ 70 بالمائة من الأطباء هاجروا نتيجة ظروف العمل السيئة وان 50 بالمائة تعرضوا للمضايقات المهنية وان 50 بالمائة مستعدون للعودة الى أرض الوطن في حال تحسنت ظروف التأجير.
مقترحات وتوصيات
رقم مفزع، دفع بجمعية الأطباء الى إعلانها عن اعتزام مراسلة عمادة الاطباء بخصوص المطالبة بإرساء حوار وطني حول 03 محاور أساسية بقطاع الصحة للخروج بجملة من المقترحات والتوصيات التي من شأنها أن تحفز الأطباء بالخارج على العودة وتقطع مع مظاهر العنف وتدهور ظروف العمل بالمستشفيات العمومية، استنادا الى ما صرح به الناطق الرسمي باسم الجمعية قيصر ساسي لوكالة تونس افريقيا للأنباء اليوم الثلاثاء.
وقال المصدر ذاته ،إنّ دعوة العمادة الى ارساء حوار وطني تأتي على خلفية كونها الجهة المهنية المخوّل لها ذلك وتمثيل الأطباء وطرح مطالبهم، لافتا الى أنه في حال تعذّر ذلك على العمادة فان الجمعية ستتولى ارساء الحوار الوطني.
وبيّن أن الحوار الوطني المراد اطلاقه يعتمد على 3 محاور أساسية وهي ضرورة اعتماد مقاييس تطبيقية للعمل في المستشفيات العمومية والقضاء على ظاهرة العنف في المستشفيات التي “استفحلت حسب تقديره ولم تشهد تقلصا في نسقها”، لافتا الى ان الجمعية تولت منذ سنتين تقييم ظاهرة العنف بالمستشفيات وتعرّض الاطار الطبي للعنف حيث تبيّن تعرض 200 طبيبة تونسية للعنف الجسدي على الأقل مرة واحدة في المستشفيات التونسية.
وأضاف قيصر ساسي أن الحوار الوطني يجب أن يتطرق أيضا الى تحسين تأجير الاطباء، و مسألة السماح بجواز ممارسة الأطباء التونسيين بالخارج المرسّمين بعمادات أخرى، الطب في تونس والسماح بالتسجيل المزدوج لدى عمادة الاطباء.
وأشار الى أن التشريع التونسي يحجّر على الأطباء التونسيين العاملين بالخارج والمسجّلين بعمادات طب أخرى بالخارج الجمع في ممارسة الطب بين تونس والخارج، مؤكدا أن الاطباء التونسيين بالخارج اكتسبوا مهارات تقنية هامة في استخدام التجهيزات والمعدات الحديثة ويمكن الاستفادة من خدماتهم والسماح لهم بمعاضدة مجهودات الاطباء التونسيين العاملين داخل البلاد خاصة في المناطق الداخلية والتي تشكو من ضعف تغطية طب الاختصاص بها.
وأبرز الناطق الرسمي باسم الجمعية أن التطرق الى هجرة الأطباء مردّه ما عاينته الجمعية من اعتزام البلدان الاوروبية الترفيع في عدد الأطباء المنتدبين من الخارج وهو ما يشمل الأطباء التونسيين.
تفاقم هجرة الامغة
واجمالا، عرفت تونس في السنوات الأخيرة “تفاقما ” ملحوظا لظاهرة ما يعرف “بهجرة الأدمغة “، حيث اكدت عديد من المنظمات بان عدم الوضوح الاقتصادي في البلاد من جهة و عدم الاستقرار السياسي من جهة أخرى يقفان وراء تنامي هذه الآفة باعتبارها ستجعل البلاد تفتقر في المستقبل القريب إلى عددٍ كبيرٍ من أصحاب الكفاءة.
و ترتفع نسبة الهجرة في كل من اختصاصات الطب و الصيدلة و الهندسة ، لتكون وجهتهم الدول الأوروبية أو كندا و الولايات المتحدة بالإضافة إلى دول الخليج .
و في هذا السياق ، كشف عميد المهندسين كمال سحنون في تصريح سابق” لافريكان مانجر” بأن ما لا يقلّ عن 3500 مهندس يهاجرون تونس سنوياً في اختصاصات متعددة .
و قال كمال سحنون بأن تكلفة تكوين المهندس الواحد خلال مساره الدراسي ككل تبلغ حوالي 100 ألف دينار باعتبار تكلفة الخمس سنوات الجامعية و التي تبلغ حوالي 50 ألف دينار و 50 ألف دينار اخرى لبقية سنوات الدراسة بما فيها الابتدائية و الإعدادية و الثانوية .
تونس الثانية عربيا من حيث هجرة الادمغة
تقول دراسات صادرة عن الجامعة العربية و منظمة يونيسكو و البنك الدولي إنّ منطقة الشرق الأوسط و العالم العربي يساهمون في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية، وتعبر ان هناك 50% من الأطباء و 23% من المهندسين و 15% من مجموع الكفاءات والعقول العربية يهاجرون الى دول أوروبا و استراليا و كندا و غيرها من البلاد.
و ذكرت ذات التقارير أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون الى بلادهم، و يشكل العرب لوحدهم 34% من مجموع الأطباء في بريطانيا. ويهاجر نحو 100 ألف من العلماء و المهندسين و الاطباء في كل عام من ثمانية أقطار عربية وهي مصر، الاردن، العراق، تونس، المغرب و الجزائر.
وقدر تقرير التنمية البشرية للعالم العربي في 2016 أن تونس تأتي في المركز الثاني عربيا بعد سوريا من حيث هجرة الأدمغة إلى الخارج. وقدرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في 2017 عدد الكفاءات العلمية التونسية التي هاجرت إلى الخارج منذ 2011 بـ 94 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 25 و45 سنة