أبدى وزير التجارة والصناعات التقليدية رضا التواتي تفاؤلا كبيرا بموعد جانفي 2008 الذي يتزامن مع دخول منطقة التبادل الحر كاملة بين تونس والإتحاد الأوربي واعتبر أن الجزء الأكبر من التبادل الحر قد دخل حيز التنفيذ في حقيقة الأمر في حين أن اكتمال التفكيك الديواني غرة جانفي العام المقبل سيشمل في حقيقة الأمر إلا 5 في المائة فقط من إجمالي قائمة المواد المصنعة التي تم إلغاء الحماية الجمركية عنها. فكان الحوار التالي:
ماذا يعني التفكيك الجمركي ولماذا تكثف الحديث عنه الآن قبل أيام من انتهاء أجل 2008، في حين أن هذه العملية انطلقت منذ عشر سنوات تقريبا؟
يجب التذكير في البداية أن التفكيك الجمركي جاء في إطار اتفاقية شراكة وتبادل حر مع الاتحاد الأوروبي في جويلية 1996. وقد سبقته إصلاحات اقتصادية متدرجة شملت كل المجالات الاقتصادية في تونس. وكانت من أهمها تلك المتعلقة تحرير الأسعار والتجارة الخارجية وذلك بموجب قانون تم إصداره منذ 1991 ، هذا بالإضافة إلى الإصلاحات الجبائية.
ويعد دخولنا في نظام اقتصاد السوق وابرامنا اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي هو تطور طبيعي للاقتصاد التونسي الذي ينتمي إلى منظمة التجارة العالمية ويشارك في كل مساراتها التفاوضية. ويأتي هذا الخيار الاقتصادي بالتوافق والتشاور مع كل الأطراف ومن التوجيهات الرئاسية ومن منطلق سياسة الحوار التي أرساها الرئيس زين العابدين بن علي. هذا التشاور شمل كل القطاعات بمختلف مؤسساته تقريبا لتقييم مدى قدرة المؤسسات واستعدادها لمواجهة المنافسة.
ويهم بالأساس اتفاق الشراكة الذي تبعه انطلاق التفكيك التدريجي للحماية الجمركية القطاع الصناعي قصد فتحه للمنافسة العالمية.
ورغم أنه تم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي انطلاق عملية التفكيك الجمركي بدءا من 1998 إلا أن تونس بادرت بالاستباق وبدأت في تنفيذ هذه العملية منذ التوقيع على الاتفاقية عام 1995. وقد انطلقت العملية التفكيك بصفة متدرجة وعلى امتداد 12 سنة بتوزيع السلع على أربع قائمات بحسب تدرجية قدرتها على تحمل المنافسة ومجابهتها.
وقد شملت القائمة الأولى مواد النسيج وبعض من المواد الأولية غير المنتجة في تونس وهي سلع تم إعفاءها كليا من الرسوم الجمركية عند توريدها من الإتحاد الأوروبي إلى تونس وهو ما مكن المؤسسات التونسية م تحسين قدرتها التنافسية عبر خفض كلفة إنتاجها.
وتهم القائمة الثانية السلع نصف المصنعة ومواد أولية أخرى تحتاجها الصناعة التونسية هي امتداد للقائمة الأولى التي انتهى فيها التفكيك الجمركي إلى 2001.
أما القائمة الثالثة فتهم المواد الاستهلاكية التي لا يتم إنتاجها في تونس أو تلك التي تنتجها مؤسسات تونسية ذات قدرة تنافسية.
يشار إلى أن تفكيك الرسوم الجمركية امتد من 1996 إلى 2007. القائمة الرابعة والأخيرة تشمل المواد التي تصنع في تونس والتي شهدت التفكيك الجمركي منذ 2000 وامتد على ثماني سنوات.
وبالتالي، ومثلما كانت الأولى في التوقيع على اتفاقية تبادل حر مع المجموعة الأوروبية، تكون تونس الدولة المتوسطية الأولى التي تدخل وبداية من جانفي 2008 في تجارة حرة كاملة مع الاتحاد الأوروبي من دون رسوم جمركية.
ومن المهم القول إن الجزء الكبير من التفكيك الجمركي قد حصل في الفترة الفاصلة ما بين 1996 و2001 للقائمات الثلاث، وإلى نهاية 2007 فإن القائمة 2 و” لا تمثل إلا 4.5 في المائة تقريبا من مجموع التفكيك. وتشمل هذه النسبة المواد الصناعات المعملية على غرار الملابس الجاهزة، الأحذية، أجهزة التلفزة والمكيفات وسلع أخرى.
وماذا عن السيارت؟
ج: يوجد في تونس ثلاثة أنواع من الأداءات تتمثل في الرسوم الجمركية، الأداء على القيمة المضافة، ومعاليم الإستهلاك. وبالنسبة للسيارات فإنه لم يعد يوجد رسوم جمركية موظفة عليها منذ 1995، إلا أنها تخضع للأداء على القيمة المضافة وبنسبة 18 في المائة ومعلوم استهلاك يوظف حسب قوة محرك السيارة. ومثل هذه المعاليم موظفة أيضا على مواد اخرى المورد منها والمصنوع محليا.
إذا فإن هذا التفكيك لا يشمل إذا إلا سلع القطاع الصناعي؟
بالضبط، فالتفكيك الجمركي لا يشمل حاليا إلا القطاع الصناعي، في حين لا يدخل قطاعا الخدمات والفلاحة ضمن اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي، إلا أننا سنطلق قريبا مفاوضات مع منظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي لتحرير هذين القطاعين.
هل من المتوقع ان يكون لهذا التحرير تداعيات على أسعار المواد الصناعية بالسوق المحلية عبر ارتفاعها؟
بالعكس فإن إلغاء الرسوم الجمركية سيقلل من كلفة الإنتاج وبالتالي إنخفاض الأسعار عند البيع. ويلاحظ أن هذا التأثير كان متدرجا إلى درجة أن المستهلك لم يشعر بذلك. وإذا كان هناك ارتفاعا في الأسعار فإن مرد ذلك سيكون الظرف العالمي الذي لا نقدر على التحكم فيه على غرار أسعار الصرف، ارتفاع أسعار المواد الأولية، أو تلك الخاصة بالسلع الموردة من الاتحاد الأوروبي.
هل يمكن أن يفرز إلغاء الرسوم الجمركية صعوبة للمؤسسة التونسية إلى حد اندثارها بسبب المنافسة، وبوصفكم تمثلون الحكومة، هل تعتقدون أن المؤسسة التونسية قادرة على تحمل صدمة هذه المنافسة المفتوحة؟
يجدر التذكير هنا أنه حينما انطلقنا في التفكيك الجمركي فقد رافقنا ذلك ببرنامج تأهيل المؤسسات التونسية على المستوى المادي وغير المادي بالإضافة إلى المنح والتشجيعات المالية. كما شمل هذا التأهيل كل ما يحيط المؤسسة وبقدرتها التنافسية. وقد شهد هذا البرنامج نجاحا كبيرا بفضل الرعاية التي حظي بها من طرف رئيس الدولة عليه ليبقى متواجدا صلب برنامج كل اجتماع وزاري.
وقد انخرطت نحو 4000 مؤسسة صناعية بالمؤسسة تمثل أكثر من 70 في المائة من النسيج الصناعي
بتونس. كما رافق هذا البرنامج خطط أخرى تتعلق بالجودة والتشجيع على اقتحام الأسواق الخارجية عبر صندوق “فاماكس” وهو ما دعم المؤسسة التونسية أمام المنافسة الخارجية. وقد تأكدنا كن قدرة المؤسسات التونسية على مواجهة هذا الطرف الجديد منذ البداية وعلى امتداد الـ 12 التي حصل فيه التفكيك الجمركي. وسوف لا يحمل بطبيعة الحال الجزء الباقي من التفكيك الجمركي الذي يمثل نحو ثمن إجمالي التفكيك المفاجأة غير السارة. وكل المؤشرات المتوفرة تؤكد أن المؤسسة التونسية قادرة على المحافظة على حصتها بالسوق المحلية وعلى تطوير حصتها بالأسواق الخارجية كما نلاحظ أن الصادرات التونسية أصبحت أسرع نسقا من ذلك المسجل على مستوى الواردات.