تونس-افريكان مانجر
في مرحلة صعبة وحرجة تعيشها تونس و تحتاج فيها أكثر من أي وقت مضى الى الوحدة الوطنية، يعيش مجلس نواب الشعب على وقع تصفية الحسابات الشخصية و الانتقام السياسي و التشفي و السعي الى تحقيق أهداف شخصية و فردانية لاوطنية و لا تتماشى مع مصالح الشعب التونسي.
فلا يمر يوم في الا و استمعنا الى غرائبه و شاهدنا الصراعات و تبادل التهم بين نوابه فضلا عن المبادرات التشريعية المقدمة و اللوائح التي في الغالب لا تقدم اضافة لا للواقع الاقتصادي و لا الاجتماعي للبلاد.
حرب اللوائح و المبادرات التشريعية
في الواقع فان دستور الجمهورية التونسية في فصله 62 مكن نواب البرلمان من محاولات التجديد و التغيير وفق ما يتطلبه الوضع الذي تعيشه البلاد حيث مكنهم من حق تقديم المبادرة التشريعية بمقترحات قوانين أو بمشاريع قوانين من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.
الا ان المتأمل في مضمون هذه المبادرات يعلم جيدا انها منحرفة تماما عن القضايا الأساسية والجوهرية فعلى سبيل الذكر لا الحصر يمكن الحديث عن اخر مبادرة تشريعية قدمها ائتلاف الكرامة الجمعة 20 جوان 2020، لتجريم البغاء العلني و تنقيح الفصل 231 من المجلة الجزائية تتضمن 4 فصول.
وينص الفصل الأول من المبادرة على ‘عقوبات سجنية من 6 أشهر الى عامين و بخطية من مائتي دينار الى ألفي دينار ضد النساء اللاتي يعرضن أنفسهن بالقول أو الاشارة أو يتعاطين الخناء ولو صدفة ‘.
ويكون مرتكب الخناء مضاعفا اذا كان من يعرض نفسه ذكرا أو يساعد بأي وسيلة كانت خناء الغير أو يسعى الى جلب الناس اليه أو يتوسط بأي عنوان كان بين الأشخاص الذين يتعاطون الخناء و الفجور أو الذين يؤجرون الغير لذلك.
كما قدم ائتلاف الكرامة سابقا مبادرة اثارت جدلا في البرلمان لتعديل المرسوم 116 المنظم لحرية الاتصال السمعي و البصري.
و للتذكير فان ائتلاف الكرامة قدم كذلك لائحة حول “طلب الاعتذار من فرنسا عن جرائمها في حقبة الاستعمار” ه الائحة بعد ا و رد في البرلمان و جدال طويل تم اسقاطها بـ77 نائبا مع مقابل 5 رفض و احتفاظ 46 نائبا بصوتهم.
من جانبها كتلة الدستوري الحر قدمت في اوائل الشهر الجاري مبادرة حول التدخل في ليبيا و تضمنت سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي و التي تم اسقاطها في جلسة عامة.
حرب الصور
البرلمان الحالي خلق نوعا جديدا من الصراعات باستعمال صور الرؤساء حيث تميزت الجلسة العامة يوم 18 جوان بالتلاسن و تراشق التهم اثر رفع نواب ائتلاف الكرامة صورة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي لتتحول وجهة الجلسة من مناقشة مشروع قانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني الى حلبة صراع بين ائتلاف الكرامة و كتلة الدستوري الحر حيث طالبت عبير موسي عبير موسي بإخراج صورة من وصفته بأحد زعماء “الإخوان” من قاعة الجلسات العامة، مشيرة إلى أن هذا البرلمان ليس برلمان “الإخوان”، قبل أن يردد نواب كتلتها شعارات “برلمان تونسي”.
وردّ نواب “ائتلاف الكرامة” بأن موسي ترفع صور الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة داخل قاعة الجلسات العامة في وقت تحوم حول فترة حكمه شبهات قتل وتعذيب لمعارضيه .
و بين هذا و ذاك ينشر عدد من النواب صورا و مقاطع فيديو اثارت سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي على غرار فيديو للنائب عن حزب قلب تونس غازي القروي و هو يمتطي دراجة هوائية و فيديو اخر لرئيس كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان و النائب غازي القروي وهما في مأوى السيارات، حيث بدا مخلوف يقود السيارة فيما يمثل غازي القروي دور حارسه الشخصي الذي يرافقه للخروج.
و أمام هذا المشهد البرلماني و السياسي المنحرف عن واقع المواطن التونسي، يرى محللون ان ما يحدث تحت قبة البرلمان في الاشهر الاخير هو في الواقع اعادة ترتيب للمشهد السياسي و تموقع جديد للاحزاب و ربما كذلك محاولات لضرب الانتقال الديمقراطي.