تونس –افريكان مانجر
أفرزت الانتخابات التشريعية التونسية شكلا جديدا للخارطة السياسية على رأسها حزب حركة نداء تونس التي تحصلت على 85 مقعدا يليها حزب حركة النهضة ب 69 مقعدا.
أحزاب تصنع المفاجأة
وقد مثلت النتائج الأولية للانتخابات مفاجأة للعديد من الأطياف السياسية فقد تراجع حزب المؤتمر من اجل الجمهورية على سبيل المثال ليحصد 4 مقاعد فقط في حين انه احتل المرتبة الثانية في انتخابات 23 أكتوبر 2011 اما حزب التكتل فقد حاز في الانتخابات الفارطة على 20 مقعدا ليجد نفسه في المحطة الانتخابية الثانية خارج الخارطة بعد ان فشل بالظفر ولو بمقعد واحد.
كما سُجل أيضا خلال انتخابات 26 أكتوبر فشلا ذريعا للحزب الجمهوري الذي حصد مقعدا وحيدا، هذا وشمل التراجع أيضا كلّا من تيار المحبة والتحالف الديمقراطي والمسار.
في المقابل، أفرزت النتائج لسباق التشريعية صعودا لأحزاب “حديثة التكوين” في المشهد السياسي، على غرار حزب حركة نداء تونس الذي أسسه الباجي قائد السبسي سنة 2012، فيما حلّ الحزب الوطني الحرّ الذي تكوّن في ماي 2011 ويرأسه رجل الاعمال سليم الرياحي في المرتبة الثالثة ب 17 مقعدا. وقد مثلّ حزب آفاق مفاجأة في هذه الدورة بحصوله على 8 مقاعد في مجلس نواب المقبل رغم حداثة تأسيسه التي تعود الى سنة 2011.
“صدمة قوية وغير متوقعة”
وفي تعليق على النتائج، قال الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدايمي إنّ التونسيين عاقبوهم ‘لأننا تحالفنا مع حركة النهضة وحمينا ظهرها من خلال الترويكا’ وأنهم وجهوا لهم رسالة قاسية بعدم التصويت لهم .
وأشار الدائمي إلى أن المؤتمر من أجل الجمهورية لم يكن يعول في الانتخابات لا على حركة النهضة ولا على أي طرف آخر حسب قوله، وأنه من الضروري فهم التونسيين أكثر مع التمسك بالثوابت من بينها التصدي لعودة المنظومة القديمة.
وفي سياق متصل حذّر الأمين العام من خطر التغول في المرحلة القادمة من قبل أحد الأحزاب الكبيرة الفائزة في الانتخابات التشريعية .وأوضح الدايمي أن هناك تخوف على الديمقراطية وعلى الحريات في تونس في الفترة القادمة منبها التونسيين من هذا الخطر حسب قوله.
من جانبه اعتبر رئيس المجلس الوطني التأسيسي والمرشح للرئاسية مصطفى بن جعفر أنّ نتائج الانتخابات التشريعية مثلت صدمة قوية وغير متوقعة، مُضيفا ان حزب التكتل توقع تراجعا لكن ليس بهذه الطريقة .
وقال بن جعفر إنّ الشعب التونسي بعث برسالة واضحة للقوى الإجتماعية الديمقراطية التي بقيت في تشتت مريع ولم تتحمل مسؤولياتها لتقدم البديل عن الاستقطاب الثنائي، كما اعتبر بن جعفر أن النتائج التي اسفرت الى الان عن فوز حركة نداء تونس بأكثرية المقاعد في مجلس الشعب القادم هي نوع من العقاب لأنّهم لم يقدموا التنازلات اللازمة.
وتفاديا لسيناريو انتخابات 26 أكتوبر دعا بن جعفر القوى الديمقراطية للتوافق حول شخصية واحدة للانتخابات الرئاسية، كما طالب كل من محمد المنصف المرزوقي وأحمد نجيب الشابي ومحمد عبو ومحمد الحامدي وحمة الهمامي وزهير المغزاوي وعبد الرؤوف العيادي وعلي رمضان ومية الجريبي للاجتماع في ظرف 48 ساعة لتلافي خطأ الذي وقع في الانتخابات التشريعية .
إلى ذلك أبدى جعفر استعداده للانسحاب من السباق الانتخابي في حال تم التوافق على شخصية واحدة وحث بن جعفر أحمد المستيري وأحمد بن صالح على عدم السكوت على عودة النظام السابق.
أسباب الصعود
وعن أسباب صعود حزب حركة نداء تونس رأى عدد من المراقبين الترويكا التي حكمت البلاد بعد الانتخابات السابقة ولمدة عامين وفرّت الارضيّة الملائمة لحركة نداء تونس لكي تنتشر في وقت قياسي بعد فشل الاحزاب «الثورية» في ان تحقق أي شيء للشعب الغاضب بل عرفت تونس من الاهوال ما لم تعرفه طيلة تاريخها.
فيما قال آخرون إنّ التونسيين اختاروا حزب الباجي قائد السبسي عقابا بحدّ قوله لحركة النهضة التي حاولت في وقت من الأوقات “أخونة” المجتمع التونسي. مشيرين إلى أنّ هذه النتائج تعكس تراجع الإسلام السياسي ليس فقط في تونس وإنّما أيضا في المنطقة العربية باعتبار أن الاخوان فشلوا في مصر وليبيا.
وللإشارة فإنّ حركة النهضة كانت الحزب الفائز بالنصيب الاوفر في اول انتخابات بعد ثورة 14 جانفي والتي أّجريت يوم 23 أكتوبر 2011، بعد أن حصلت على 89 مقعدا ثم تلاه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بعدد 29 مقعد، فيما حلت قوائم العريضة الشعبية ثالثا بنصيب 26 مقعدا.