تونس-افريكان مانجر
على الرغم من تعالي اصوات الخبراء في المجال المائي و اطلاقهم لصيحات الفزع المتكررة خاصة خلال السنوات الأخيرة، الا أن أصحاب السلطة و القرار لم تغير سياساتها المائية التي أصبحت لا تتماشى مع المتغيرات المناخية و لم يتم الحديث عن الأزمة ودراسة سُبل معالجتها الا عند وقوعها.
مشاريع تحلية مياه البحر
وتُصنف بلادنا حاليا تحت خط الفقر المائي سيما في ظل انحباس الأمطار و التراجع الكبير في نسبة امتلاء السدود، في وقت لم تُسارع فيه السلطات بإدخال مشاريع تحلية مياه البحر حيز التنفيذ، على غرار محطات قابس و سوسة، بسبب صعوبات في الصفقات وعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة لا نجازها.
ويرى مدير إدارة التهيئة بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي مهدي بالحاج، أن “تحلية مياه البحر والإقتصاد الازرق اولوية عاجلة لمواجهة الشح المائي”.
و اعتبر بالحاج، في تصريح اذاعي نهاية الأسبوع المنقضي، ان “تحلية مياه البحر الحل الأمثل والممتاز للوضع الراهن صيفا وشتاء”.
واكد ان “وزارة البيئة انطلقت في دراسة الإقتصاد الأزرق”، لافتا إلى “انه تم الشروع منذ فترة في دراسات معمقة جدا متعلقة بمحطات تحلية مياه البحر”.
وكشف بالحاج انه تم التأخير في العمل على محطات تحلية مياه البحر لان تونس لها ضمانات تتمثل في كثرة السدود الجبلية ورصيد مائي جيد، لكن حاليا فان بلادنا تحت خط الفقر المائي بسبب التغيرات المناخية وقلة الأمطار لذلك أصبحت محطات تحلية المياه ضرورة قصوى، وفق تقديره.
تقسيط الماء
وقد شرعت تونس الأسبوع المنقضي بصفة رسمية، في تقسيط الماء و قطعه في بعض الولايات من التاسعة مساءا الى الرابعة فجرا، كطريقة للمحافظة على المخزون الحالي الذي بلغ مستوى غير مسبوق.
وقد اعتبر الخبير في التنمية والموارد المائية وعضو المرصد التونسي للمياه حسين الرحيلي، في تصريح سابق لافريكان مانجر، الحكومة التونسية تأخرت كثيرا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الشح المائي.
وانتقد المتحدث ما وصفه بالـ”التعامل غير الجدي للحكومة مع أزمة المياه سيما وأن الأزمة هيكلية وليست ظرفية وقد طالبنا في العديد من المناسبات بإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالماء”، وفق تعبيره.
وتابع “نحن اليوم نعيش أزمة مخيفة والحلّ الذي تعتمد “الصوناد” بقطع أو تقسيط الماء لا تتجاوز ان تكون ردة فعل على أزمة تفاقمت حاليا مع تراجع الإيرادات الكافية للمياه الصالحة للشرب”، داعيا الى الإعلان عن حالة الطوارئ المائية و منع الفلاحين من غراسة أي منتوجات مستهلكة للماء ومعدة للتصدير.
وشدد على ان توفير المياه الصالح للشرب يجب ان يكون على رأس اهتمام رئاسة الحكومة.
جدير بالذكر، فان مخزون المياه بالسدود التونسية الى حدود 23 مارس 2023، بلغ 734 مليون متر مكعب بنسبة امتلاء لا تتجاوز 31% بكامل سدود البلاد في وقت بلغ فيه المعدل الوطني من المياه في نفس اليوم خلال السنوات الثلاثة الماضية 1263 مليون متر مكعب اي بنقص في مخزونات المياه بلغ قرابة 529 مليون متر مكعب.
وتبلع كمية المياه بسدود الشمال التونسي 671 مليون متر مكعب بنسبة امتلاء لا تتجاوز 37 % بعد ما بلغت كمية المياه المتوفرة بهذه السدود الـ 22 خلال نفس اليوم من العام الماضي 1091 مليون متر مكعب، في المقابل فان الكميات المسجلة في سدود الوسط البالغ عددها 8 تقدر بـ 55 مليون متر مكعب بنسبة امتلاء قدرت بـ 12% في وقت بلغت فيه كمية مخزونات المياه يوم 23 مارس 2022 أكثر من 94 مليون متر مكعب بقليل.
وتتوفر بسدود الوطن القبلي الستة مخزونات من المياه تقدر بـ 6.6 مليون متر مكعب بنسبة امتلاء لا تتجاوز 11% بعد ما كان مخزونها من المياه في نفس اليوم من العام الماضي 17.7 مليون متر مكعب.