تونس-افريكان مانجر
الاقتصاد غير الرسمي واسع و يضم عديد القطاعات ويستوعب أكثر من مليون و نصف من اليد العاملة و يُغطي عدد كبير من الأجراء و المنتصبين للحساب الخاص، كما أنه خطر حقيقي يُهدد الاقتصاد الوطني وديمومة المؤسسات الناشطة في القطاع الرسمي، بحسب ما أكده مختلف المتدخلين في الورشات التي تم تنظيمها في إطار الدورة 37 لأيام المؤسسة المنعقدة بسوسة أيام 7 و8 و9 ديسمبر الجاري، و التي تناولت موضوع ” المؤسسة و الطابع غير الرسمي…التهميش و الحلول العالقة”.
ويعود اختيار موضوع هذه الدورة، للأهمية البالغة التي يكتسيها الاقتصاد الموازي الذي يُمثل 50% من الاقتصاد التونسي و ثلث الناتج القومي الخام، وقد ازدادت هذه الظاهرة خطورة بفعل التغييرات الجيوسياسية والوضع الاقتصادي و الاجتماعي على الصعيدين الوطني و العالمي.
ويتطلب مواجهة القطاع الموازي تعزيز سيادة القانون من خلال تركيز الشفافية على كل مستويات الدولة و المؤسسات الاقتصادية مع تبسيط الإجراءات و الحد من التعقيدات الإدارية و تخفيف العبء الجبائي.
كما أن التطبيق الصارم والعادل للقانون، و تفعيل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مع الحرص على حماية الفئات الأكثر ضعفا، تٌعد من الحلول المقترحة للانتقال من القطاع غير الرسمي إلى المنظم و الحد من هذه الظاهرة التي يمكن وصفها بالـ “سم الذي ينخر الاقتصاد الوطني” و يهدد ديمومة مؤسساته.
ويعتبر أصحاب المؤسسات و رجال الأعمال، ان العمل على إيجاد صيغة لتخفيف الأعباء الجبائية و التخلص من التعقيدات الإدارية التي تعاني منها كذلك الشركات الخاصة، بالتزامن مع إرساء نظام يعتمد على الرقمنة و يُمكن من إدراج عديد المهن الجديدة ستسمح باستهداف اكبر قدر ممكن من العاملين في القطاع الموازي في مختلف المجالات، وبإمكان تونس على المدى المتوسط التقليص من نسبة العاملين في القطاع غير المنظم من 50% الى نسبة تتراوح بين 15 و 20%، شريطة اتخاذ الإجراءات اللازمة و تطبيقها بالشكل المطلوب.
من جهته الخبير المحاسب، أنيس الوهابي، اعتبر ان الحد من استفحال القطاع الموازي، يتلخص في كلمة حرية، و هي “تبسيط الإجراءات الإدارية و التخفيض من الضرائب و الجباية التي حالت دون دمج القطاع الموازي مع المنظم”.
ولفت الى ان تونس كان بإمكانها ان تكون سباقة في اعتماد الرقمنة كوسيلة لاستقطاب الناشطين في القطاع غير المهيكل سيما و ان النصوص القانونية جيدة، إلا أن الإشكال الحقيقي يتمثل في ضعف التقنيات و البنية الرقمية.
وذّكر الوهابي بالدفع الالكتروني وبالية تسجيل العمليات او الفوترة الالكترونية la caisse enregistreuse التي تم الإعلان عنها في إطار قانون المالية لسنة 2016، مشددا على أنه لو تم تعميمها لساهمت في الحد من تداول الأموال نقدا.
و أكد انه من الضروري اتخاذ حلول جريئة لتسريع وتيرة التحول الرقمي في بلادنا و تعزيز البنية التحتية الرقمية.
ويقول الوهابي، ان العاملين في القطاع الموازي مضطر للعمل به باعتبار عدم قدرته على مجابهة الإجراءات الجبائية و التضييقات التي تعيشها مؤسسات القطاع المنظم.
و اعتبر ان الحل في نظام مبسط وقطاع منظم قادر على استقطاب الاقتصاد الموازي.
و استنادا لدراسة قدمها فاخر الزعيبي المدير العام للمرصد الوطني للتشغيل والمهارات، فان حوالي مليون و 300 ألف شخص يشتغلون في عمل غير منظم ينقسمون إلى أجراء و مشتغلين و عاملين للحساب الخاص، فيما تبلغ نسبة العمل غير المنظم 36% و هي نسبة هامة مقارنة بدول البحر الأبيض المتوسط .
ولفت المتحدث، إلى أن العمل غير المنظم يمس كل الشرائح العمرية خاصة الشباب و ذوي المستوى التعليمي المتدني و يشمل كذلك 10% من أصحاب الشهائد العليا و خرجي التعليم العالي.
وبحسب الزعيبي، فان العمل بطريقة غير مهيكلة و قانونية يشمل عديد القطاعات، على غرار الفلاحة و البناء وقطاع الخدمات و التجارة و هو يمس الإناث أكثر من الذكور.
وفي علاقة بأهم العوامل التي تدفع للخروج من العمل المنظم، قال المدير العام للمرصد الوطني للتشغيل، انه إذا تجاوز عمر المؤسسة 5 سنوات فانه من الصعب الخروج من القطاع غير المنظم، فضلا عن صعوبة الولوج لمصادر التمويل، مشددا على ان العاملين بطريقة غير منظمة في الغالب لا يمتلكون موارد لتنمية نشاطهم.
جدير بالذكر، فانه بحسب بعض الدراسات فان التجارة الموازية والتهريب في تونس تتسبب في خسائر جبائية للدولة تقدر بـ 1,2 مليار دينار في السنة منها 500 مليون دينار معاليم ديوانية.