تونس-أفريكان مانجر
صادق المجلس الوطني التأسيسي موفى شهر أكتوبر الماضي على مشروع قانون يتضمن أحكاما استثنائية لتغيير صلوحية الأراضي الفلاحية وتغيير وصف الأراضي التابعة لملك الدولة للغابات وتهيئة وتعمير الأراضي الكائنة خارج المناطق المغطاة بأمثلة تهيئة والمخصصة لتنفيذ البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وإحداث المناطق الصناعية .
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا القانون الذي من المنتظر أن يصدر خلال أيام سيمكّن من اختزال الوقت واقتصار الآجال العادية حسب ما نصت عليه سواء مجلة التهيئة الترابية والتعمير أو القانون عدد 87 لسنة 1983 المتعلق بحماية الأراضي الفلاحية.
وهي آجال طويلة ومعقدة ساهمت في تأجيل تنفيذ جزء هامّ من البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وتعطيل إحداث المناطق الصناعية وبالتالي تعطيل عملية التّشغيل.
المنظومة القانونية تتطلّب مراجعات جهوية وجذرية
ولمزيد الإطّلاع على الإصلاحات والأحكام الاستثنائية التي تضمنها مشروع القانون أوضح منير البكاي المدير العام للشؤون القانونية والعقارية والنزاعات بوزارة التجهيز والبيئة في تصريح خصّ به “أفريكان مانجر” أنّ اقتراح مشروع القانون المتعلّق بسنّ أحكام استثنائية تتعلق بإجراءات تغيير صلوحية ووصف وتهيئة وتعمير الأراضي الكائنة خارج المناطق المغطاة بأمثلة تهيئة دون المسّ بالثوابت المتعلقة بالتصرف الرشيد والعقلاني في الفضاء الترابي ومنها الأراضي الفلاحية، جاء بعد أن ثبت أنّ المنظومة القانونية المعمول بها حاليا خاصة على مستوى الإجراءات أصبحت عامل تعطيل ووقفت حائلا دون بلوغ الأهداف المرسومة بالسرعة المرجوة وتستدعي مراجعات جهوية وجذرية.
من جهة أخرى بيّن مصدرنا أن عقارات الدّولة التي تم تشخيصها لانجاز البرنامج الخصوصي للسّكن الاجتماعي موجودة في اغلبها خارج حدود أمثلة التهيئة العمرانية وتكتسي الصبغة الفلاحية أو الغابية مما يجعلها لا تتلاءم والمتطلبات الملحّة للدّخول الفوري في انجاز البرنامج الخصوصي للسّكن الاجتماعي الذي أقرّه قانون الماليّة التّكميلي لسنة 2012 والتي يتوقف استغلالها على إجراءات تغيير صلوحية تتميز بتعدّد المتدخلين في مسار النّظر في الملفّات، علاوة على أن المدّة الزّمنية اللازمة لذلك قد تصل إلى السّنتين. كما ذكر منير البكاي أنّ مجلة التهيئة الترابية والتعمير والتي تم تغيير صلوحيتها في السكن أو في الأنشطة الاقتصادية تتوقف على ضرورة تغطيتها بأمثلة تهيئة تفصيلية وهو ما يتطلب مدة لا تقل عن 3 سنوات.
قرار عوض أمر
وتجاه هذه الصعوبات والتعقيدات القانونية في المنظومة القانونية التي تنظم عملية تغيير صلوحية الأراضي أكّد منير البكاي أنّ تغيير صلوحية الأراضي الفلاحية بعد أن كان يحدث بمقتضى أمر قد تطول مدته الإجرائية صار بمقتضى قرار موحّد يمضي عليه الوزير المكلف بالفلاحة والوزير المكلف بالتعمير وذلك بعد معاينة الأراضي من قبل لجنة فنية تحدث بمقرر من الوزير المكلف بالفلاحة والوزير المكلف بالتعمير وذلك بالنسبة للأراضي التي ستخصص لتنفيذ البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
ومن شأن هذا الإجراء حسب نفس المصدر الضغط على الآجال وتبسيط الإجراءات وحصرها من بين الوزارتين المعنيتين وتحميل وزرائها مسؤولية التسريع في عملية التغيير.
أمّا بالنسبة للمناطق الصناعية فقد بيّن مصدرنا أنّه يتم تغيير صلوحية الأراضي بقرار من الوزير المكلف بالفلاحة والوزير المكلف بالتعمير وفق مقتضيات الأمر عدد 386 لسنة 1984 المتعلق بتركيب وطرق سير اللجان الفنية الاستشارية الجهوية للأراضي الفلاحية. وواصل حديثه قائلا “انه من بين القواعد الاستثنائية كذلك إمكانية إنشاء التقسيمات خارج المناطق المغطاة بأمثلة تهيئة عمرانية لتنفيذ البرنامج الخصوصي مع مراعاة أن تتم العملية وفق إجراءات المصادقة المعمول بها في مجلة التهيئة الترابية والتعمير”.
إعفاء
وأوضح المدير العام للشؤون القانونية والعقارية والنزاعات بوزارة التجهيز والبيئة أن مشروع القانون نصّ على إعفاء الأراضي المقامة عليها المساكن البدائية التي ستتم إزالتها وتعويضها بمساكن جديدة تبنى على عين المكان مع ضرورة الحصول على الرخصة المسبقة في البناء في إطار تنفيذ البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
وفي ما يخص التقسيمات على الأراضي المخصصة لإحداث مناطق صناعية فقد وقع وفق نفس المصدر إعفاء قطع الأراضي الفلاحية التي تقل مساحتها عن 50 هكتارا بعد تغيير صلوحيتها (ضرورة تغطيتها بأمثلة تهيئة تفصيلية) مع إمكانية إنشاء التقسيمات الصناعية على الأراضي التي تفوق مساحتها 50 هكتارا بعد تغيير صلوحيتها والمصادقة على مشاريع أمثلة التهيئة التّفصيلية التي ستغطيها من طرف لجنة فنّية تسمى لجنة الموافقات يترأسها الوزير المكلف بالتعمير أو من ينوبه وتضبط تركيبتها ومهامها وسير عملها بأمر من رئيس الحكومة. وسيتم في هذا الصدد إصدار تراتيب عمرانية خاصة بقرار من الوزير المكلف بالتعمير لاعتمادها في المصادقة على التقسيمات.
استثناء وليس قاعدة
هذه الأحكام الاستثنائية ستمكن من التسريع في انجاز مشروع برنامج السكن الاجتماعي (لينتفع به محدودي الدّخل)، إلى جانب التسريع في إحداث المناطق الصناعية ودفع العجلة الاقتصادية وتشغيل اليد العاملة، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هل أنّ الطابع الاستثنائي للقانون موضوع الحديث سيلغي العمل بمجلة التهيئة الترابية والتعمير وقانون حماية الأراضي الفلاحية؟
في هذا الصدد ذكر السيد منير البكاي أنّ الأحكام الاستثنائية لمشروع القانون تخص تنفيذ البرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي وكذلك الإجراءات الاستثنائية الخاصّة بتغيير صلوحية الأراضي المخصصة لإحداث المناطق الصناعية التّي تشمل الأراضي التي سبق الموافقة عليها كمدخرات صناعية بطبيعتها.وسيقع ضبط قائمة في هذه المناطق بقرار من وزير الصناعة والوزير المكلف بالتعمير.
ومن جهة أخرى أشار إلى أنّ الطابع الاستثنائي لمشروع القانون المعروض لا يبرر في أيّ حال من الأحوال خرق القواعد والمبادئ العامة التي تنبني عليها منظومة التصرف في حماية الأراضي الفلاحية والغابيّة ومتطلبات التصرف العقلاني في المجال الترابي.
إجراءات استثنائية لمدّة 3 سنوات
وتجدر الاشارة الى أنّه تم في إطار مشروع القانون المعروض الحرص على توفير جملة من الضمانات الفنية التي من شأنها المحافظة على الحد الأدنى من قواعد التصرف السليم في المجال الترابي دون الحياد عن الأهداف التي رسمتها النصوص الجاري بها العمل وخاصة مجلة التهيئة الترابية والتعمير ومجلة الغابات وقانون حماية الأراضي الفلاحية. ومن بين هذه الضمانات ما يتعلق بالمحافظة على الطابع التشاركي في عملية تغيير صلوحية الأراضي الفلاحية أو تغيير وصف الأراضي التابعة لملك الدولة للغابات من خلال تمكين مختلف الأطراف الإدارية من إبداء رأيها.
وأكد البكاي أن الإجراءات الاستثنائية المنصوص عليها صلب القانون من اجل إحداث المناطق الصناعية ستشمل الأراضي التي سبق الموافقة عليها كمدّخرات عقارية صناعية بطبيعتها كما أن تغيير وصف الأراضي الغابية لن يتم إلا في الحالات التي نصّ عليها الفصل 15 من مجلة الغابات والمصادقة على التقسيمات خارج المناطق المغطاة بأمثلة تهيئة عمرانية لن تكون آلية بل تخضع إلى الإجراءات المنصوص عليها في مجلة التهيئة الترابية والتعمير.
وقال المتحدّث إن مشروع القانون المعروض لا يهدف إلى إعفاء كل الأراضي المخصصة لإحداث المناطق الصناعية بعد تغيير صلوحيتها بضرورة تغطيتها بأمثلة تهيئة تفصيلية، بل اقتصر الأمر على تمكين الوكالة العقارية الصناعية والأقطاب والمركبات الصناعية والتكنولوجية بصفة استثنائية خلال هذه المرحلة بتقديم ملفات تقسيم على الأراضي الفلاحية التي تقل مساحتها عن 50 هكتارا والمدرجة بالقائمة المضبوطة دون تغطيتها بمثال تهيئة تفصيلي في حين وقع الإبقاء على نفس الإجراءات المعمول بها في ما يخص الأراضي الفلاحية التي تفوق مساحتها 50 هكتارا.
وما ينبغي التأكيد عليه حسب نفس المصدر هو أن العمل بهذه الإجراءات الاستثنائية المنصوص عليها صلب هذا القانون ، يجري لمدة ثلاث سنوات من تاريخ دخوله حيّز التنفيذ.
هدى هوّاشي