تونس-افريكان مانجر
لم يكن رفض أمين عام الإتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي تولي منصب رئاسة الحكومة خلفا لعلي العريض مفاجئا بالنسبة للمتابعين للشأن السياسي الداخلي.فاتحاد الشغل الذي واجه في أكثر من مناسبة انتقادات لاذعة من قبل بعض الأطراف التي اتهمته بالانخراط في العمل السياسي رفض يوم 5 نوفمبر الجاري رفضا باتا هذا العرض.
قرار وصفه البعض بالبديهي بالنظر إلى دور المنظمة النقابية الوطني و السياسي في بناء الدولة،فيما اعتبرت أطراف أخرى أن اقتراح اسمه ضمن الشخصيات المرشحة لتولي منصب رئاسة الحكومة لم يكن طرحا جديا،بل هو من باب المناكفة السياسية و محاولة من جبهة الإنقاذ كشف أوراق و نوايا الأطراف الأخرى المشاركة في الحوار الوطني.
من البديهي رفض المقترح
اعتبر المؤرخ التاريخي فيصل الشريف في تصريح لـ”افريكان مانجر”أن الاتحاد العام التونسي للشغل يضطلع في المرحلة التاريخية التي تمر بها البلاد بدور تعديلي بين السلطة السياسية و الطبقة العاملة ، وعليه فمن البديهي جدا رفض مقترح تولي العباسي منصب رئاسة الحكومة فهو يرمز لمؤسسة نقابية عريقة و بالتالي فهو يفكر بتفكير مؤسساتي و ليس أمامه من خيار سوى الرفض.
و لم ينف محدثنا الدور الوطني للمنظمة النقابية حيث شارك الاتحاد في معركة التحرير واغتيل زعيمه فرحات حشاد ليس على خلفية نقابية بل على خلفية دوره الوطني والسياسي ثم لعب الاتحاد دورا في بناء الدولة وقدم أول برنامج اقتصادي واجتماعي وأول برنامج تعليمي حديث وشكل النقابيون كوادر دولة الاستقلال الحديثة وكان في كل الفترات شريكا فاعلا.
وأضاف فيصل الشريف أنّه تتوفر في تونس كفاءات مستقلة تجعلها قادرة على قيادة البلاد،دون أن ينجّر الاتحاد إلى التجاذبات السياسية.
الاتحاد أصبح جزءا من المجتمع المدني
من جانبه قال الأستاذ الجامعي و المحلّل السياسي منصف وناس أن العباسي كان مصيبا في الرأي عندما رفض منصب رئاسة الحكومة لأن موقعه في المركزية النقابية مهم و ايجابي فهو ضمانة من ضمانات منع التوتر و الصدام بين مختلف الفرقاء السياسيين. و يبقى هدف الاتحاد هو تقريب وجهات النظر لوضع حدّ للتجاذبات و الصراعات بين الأحزاب و إيجاد أرضية للتوافق على حدّ قوله.
وفي جانب آخر بيّن منصف وناس أن منصب رئاسة الحكومة يحتاج إلى شخصية تكون على دراية كافية بالملفات الاقتصادية و الاجتماعية و خاصة الأمنية و هي خبرة قد لا تتوفر على حدّ قوله في أمين عام اتحاد الشغل، مشيرا إلى أن الاتحاد في السابق كان مؤازرا للحكومات سواء في عهد حكومتي الهادي نويرة أو محمد مزالي و حتى في عهد بن علي،أما اليوم فقد تغيرت المعطيات و أصبح الاتحاد جزءا من المجتمع المدني وهو اليوم ضمانة مهمة من ضمانات استقرار البلاد.
و في سياق متصل أفادنا عضو المكتب التنفيذي لحركة نداء تونس خالد شوكات أن الأطراف التي رشحت حسين العباسي لخلافة علي العريض كانت تعلم مسبقا انه لن يتم التوافق حوله و لم يكن طرح جدّي،بل هي محاولة للمناكفة السياسية و كشف أوراق الطرف الآخر. و أوضح خالد شوكات أن رفض العباسي منصب رئاسة الحكومة جاء من منطلق تاريخ الاتحاد باعتباره قوة لتعديل موازين القوى و استدرك قائلا” اتحاد الشغل هو من يصنع رؤساء الحكومة فلا يمكن أن يرى في المناصب إغراء”
ترشيح و تعليق
و كانت أطرافا و أصواتا سياسية داخل الحوار الوطني و في مقدمتها رئيس حركة نداء تونس و القيادي بالجبهة الشعبية حمة الهمامي قد رشحت حسين العباسي لمنصب رئاسة الحكومة للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد باعتباره رجل التوافق و هو الشخصية الوحيدة على حدّ قولهم التي يمكن القبول بها من كل الأطراف المشاركة في الحوار الوطني، إلا أن حسين العباسي رفض ذلك،و نشر اتحاد الشغل بيانا على صفحته الرسمية على الفيسبوك أكد فيه أن الأمين العام رفض رفضا مطلقا هذا الأمر،كما بيّن ذات البيان أن الاتحاد لا تعنيه السلطة ولا المناصب والأهم هو إنقاذ البلاد وضمان التوافق وتفادي شبح العنف والإرهاب .
يذكر أن الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي انطلقت أشغاله يوم 25 أكتوبر 2013 قد أعلن يوم 4 نوفمبر الجاري تعليق الحوار، بعد الفشل في الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة المقبلة حيث تمسكت حركة النهضة بمرشح حزب التكتل الوزير السابق في حكومة بورقيبة احمد المستيري البالغ من العمر88 عاما كرئيس للحكومة فيما تمسكت المعارضة بترشيح وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الباجي قايد السبسي السابق محمد الناصر و البالغ من العمر 77عاما.