تونس- أفريكان مانجر
قرر البنك المركزي التونسي اليوم الخميس 26 جوان 2014 زيادة في نسبة الفائدة الرئيسية للبنوك بـ0.25 % في محاولة منه للتقليص من تداعيات التضخم على الاقتصاد الوطني في ظل انكماش الاستثمار، ليرتفع معدل الفائدة حاليا إلى 4.75%.
وتعتبر هذه الزيادة الثالثة من نوعها منذ تسلم محافظ البنك المركزي الحالي الشاذلي العياري حقيبة النقد التونسي ليناهز مجموع الزيادة نحو 1.25% بعد سياسة التقليص في معدل الفائدة التي اعتمدها سلفه بعد الثورة التونسية مصطفى كمال النابلي.
ويرى مراقبون من الوسط الاقتصادي أنه رغم الزيادة هذه في معدل الفائدة الرئيسة للبنوك، فإنه لا يزال هناك هامشا للزيادة، مرجحين ضرورة بلوغ الفائدة معدل التضخم على الأقل حاليا لخلق توازن بين المؤشرين الاثنين. ويحوم معدل التضخم حاليا في تونس حول 6% تقريبا وهي نسبة الفائدة اللازمة التي يرى اقتصاديون ضرورة بلوغها.
وحسب بيان أصدره المركزي التونسي فإنه “حرصا على احتواء آثار ارتفاع التضخم وما ينجر عنه من تدهور على مستوى المقدرة الشرائية للمواطن، تقرر الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ 25 نقطة أساسية لتبلغ 4.75٪”.
فائدة غير مربحة
وستترجم هذه الفائدة فعليا على مستوى عائدات الادخار البنكي الا أنها تبقى غير مربحة للمدخر في ظل التضخم الذي يفوق بكثير هذه الفائدة.
في المقابل، فإن اجراء الزيادة في معدل الفائدة سيؤثر على الاقتراض البنكي عامة وسيعمل على التقليص من نسقه بسبب ارتفاع كلفة الاقتراض مستقبلا كما سيؤثر سلبا على الاستثمار، إلا أن مراقبين يؤكدون أن توفير الأمن هو في واقع المر العامل الأساسي لجلب الاستثمارات وليس التقليص في الفائدة حيث أن هذه الخطوة باءت بالفشل في محاولة محافظ المركزي السابق.
كما اعتبر هؤلاء ان الظرف الحالي يقتضي الزيادة في الفائدة وليس التقليص فيها.
كبح الاستهلاك
عمليا، تساعد الزيادة المقررة أخيرا في الفائدة البنكية على كبح جماح الاستهلاك عبر اللجوء للاقتراض البنكي مقابل تدني الانتاج وما ادى إلى تواجد سوق نقدية عاجزة ترجمها مؤشر إعادة التمويل البنكي حيث لا تعكس هذه السوق حاليا في واقع الأمر الثروة الاقتصادية المتدنية في تونس والمحققة عبر الانتاج المتعثر.
ويترجم المستوى القياسي لحجم اعادة تمويل البنوك حاليا الحلقة المفرغة للاقتصاد التونسي في الظرف الحالي.
وحسب ذات البيان تقدر حاجيات البنوك اليومية للسيولة بنحو 5.6 مليار دينار معدل تدخل البنك المركزي اليومي لتعديل السيولة النقدية وهو مستوى قياسي لاعادة التمويل لم تشهده السوق النقدية في تونس سابقا.
تداعيات وخيمة
ويعكس هذا المؤشر مدى خطورة التضخم الذي تعيشه تونس حاليا وتداعياته الوخيمة على الاقتصاد التونسي والمقدرة الاستهلاكية للمستهلك عامة.
يذكر أن معدل تدخل البنك المركزي التونسي لاعادة تمويل البنوك لم يتجاوز الـ500 مليون دينار قبل 14 جانفي 2011 كما تصادف أن شهدت هذه السوق فائضا يتراوح بين مليار وملياري دينار مقابل عجز الـ5.6 مليار دينار حاليا.
وأسهمت كل هذه العوامل النقدية إلى تدني سعر الدينار التونسي إزاء العملات الأجنبية ليشهد حاليا أدنى مستوياته مقابل عملتي الأورو والدولار.
ويتوقع مراقبون احتدادا في الصعوبات النقدية في تونس بسبب تزايد العجز التجاري الذي فاق الـ5 مليارت دينار منذ بداية العام في ظل تراجع الإنتاجية مقابل ارتفاع التوريد وما وصفه البنك المركزي في بيانه بـ”نزعة المواد الموردة” وما دفعه أيضا إلى مطالبة “كل الأطراف المعنية إلى تحمل مسؤوليتها..للحد من اختلال التوازنات المالية” في رسالة واضحة من “المركزي” بشأن صعوبة الوضع الاقتصادي في تونس الذي ينذر باحتقان اجتماعي في ظل انتشار الفقر إلى مستوى غير مسبوق.
عائشة بن محمود