تونس-افريكان مانجر
كانت تصريحات رئيس الحكومة هشام المشيشي أمس حول تعطيل الإنتاج بالمناطق البترولية و ضرورة تطبيق القانون بقوة الدولة على “المتسببين في ذلك ” حديث وسائل التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام ، حيث قال المشيشي بان تعطيل الثروات الطبيعية من نفط أو فسفاط أمر غير مقبول مستقبلا خاصة في الوضع الاقتصادي الحرج الذي تعيشه تونس .
تصريحات لم يمر عليها سويعات حتى ، جاءه الرد من الناطق الرسمي باسم تنسيقية الكامور طارق الحداد في مقطع للفيديو، غلبت عليه “نبرة ” التهديد و الوعيد للحكومة قائلا :”لن أخاطبك بصفة السيد رئيس الحكومة و سأكتفي بذكر اسمك فقط إلى حين احترامك لولاية تطاوين ..أنت بالذات لديك تاريخ مظلم مع ولايتنا و المسألة لم يمر عليها بعض الأشهر ..أنت تتكلم على قوة الدولة لكن قوة الدولة في تطبيقها لاتفاقياتها مع مواطنيها ..و قوة الدولة لاحترامها لشعبها ..استعراض عضلاتك بالقوة لن ينجح فالقوة للشعب “.
و أضاف :”تنسقية الكامور صبرت على الحكومات المتعاقبة أكثر من 4 سنوات من الحوارات ..الفانا ملك الشعب التونسي و ليست ملك لهشام المشيشي ..اتفاق الكامور سيطبق كاملا متكاملا و الدولة تتحمل مسؤوليتها في ذلك ..نحن في انتظارك نساء ورجالا ..لكن الرخ لا ..و الضخ لا و مرحبا بالقوة “.
رفض المقترح الحكومي
و كانت قد ضربت تنسقية الكامور بالمقترح الحكومي الأخير عرض الحائط ، حيث أعلنت صفحتها بالفايسبوك رفضها الرسمي لما جاء في بنود الاتفاق و الذي قامت ولاية تطاوين و الذي نشر بتاريخ 23 أكتوبر 2020.
وتضمّنت مخرجات جلسات الحوار التشاركي بين الوفد الحكومي والوفد الممثل لجهة تطاوين لمدّة أسبوع، عدة نقاط أبرزها انتداب 1000 عون في شركات البيئة والغراسة والبستنة في أجل أسبوع من عودة الإنتاج بالإضافة إلى تكليف اللّجان المحلية للتشغيل بملف الانتدابات.
بالإضافة للاتفاق على تسوية أجور ومنح أعوان وإطارات شركة الجنوب للخدمات قبل موفى شهر نوفمبر 2020. أيضا تسمية مدير عام للشركة من قبل مجلس إدارة الشركة، بالإضافة إلى تمديد وإمضاء عقود مع الشركات البترولية وإعطاء الأولوية للشركة في العقود الجديدة وذلك لمدّة خمس سنوات قابلة للتجديد.
كما تمّ التنصيص على تطبيق نقاط خاصّة بالتشغيل في الشركات البترولية والشركات العاملة بالصحراء، من بينها التعهّد بإحداث 1000 موطن شغل عن طريق بعث مشاريع بواسطة قروض تُسند من قبل البنك التونسي للتضامن وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، بالإضافة إلى الاتفاق على عدم التتبع العدلي لكل ما يتعلق بالاحتجاجات السلمية.
وتضمن البلاغ كذلك رصد 80 مليون دينار لصندوق التنمية والاستثمار، تنفيذا لبنود اتفاق الكامور، وذلك وفقا للاتفاق مع الوفد الحكومي حول صرف هذا الاعتماد في إطار برنامج المسؤولية المجتمعية للمؤسسات، على أن يرتبط تنفيذ البرنامج بتواصل الإنتاج.
ازمة اقتصادية خانقة
شروط مجحفة ، في ظل أزمة اقتصادية و اجتماعية خانقة لم تعرف البلاد سابقا ، حيث من المنتظر ان تكون نسبة النمو في حدود ”- 8” بالمائة ونسبة العجز في حدود ”- 14” بالمائة ، ياتي ذلك في ظل توقعات بتضاعف الاقتراض الخارجي للسنة المقبلة مقارنة بقانون المالية لعام 2020 بنسبة 16.8 مليار دينار وهي نسبة غير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد التونسي ولم يسبق أن تضاعف اقتراض الموازنة بهذا الشكل .
للإشارة فقد سجلت كميات النفط الخام المنقول عبر الأنبوب المغلق “عدد 4” تراجعا بحوالي 35 الف طن خلال شهر جويلية المنقضي ، منها 6 آلاف طن من النفط الجزائري ، و من المنتظر ان يكون النقص الشهري لكميات النفط الخام المنقولة بمعدل 70 و 72 ألف طن من بينها 15 ألف طن من النفط الجزائري .
و بحسب رئيس الحكومة فان غلق الفانا قد كلف الدولة خسائر قدرت800 مليون دينار”،و ذلك بعد غلق تجاوز الان الأربعة اشهر المتتالية .
“الفانا و البنك المركزي ”
و في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة على أكثر من 20 مليار دينار كمداخيل عن طريق الاقتراض المحلي و الأجنبي ، نجد نسق إنتاج المحروقات قد تراجع حيث لم يأتي في ميزانية الدولة ما يوحي بتعويل الحكومة على هذه المداخيل الذاتية بسبب تواصل الاحتجاجات .
و بالتوازي مع ذلك عبر البنك المركزي عن رفضه إقراض الحكومة التمويلات الضرورية الواردة ضمن مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020 الأمر الذي يزيد من خطورة سيناريو عدم قدرة الحكومة على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها.
و في اجابته عن هذا الرفض ، أعلن رئيس الحكومة في ندوة صحفية انه سيتم النظر في إمكانية تأجيل ديون الدولة التونسية والجلوس مجددا مع البنك المركزي حتى يلعب دورا في تمويل العجز.
و تبقى تونس و الحكومات المتعاقبة في دوامة المديونية و الذي شهدت نسب عالية جدا خلال السنوات الأخيرة ، في مقابل عدم تجرئ أي مسؤول حكومي على حل ملف الاحتجاجات و الاعتصامات بالمناطق الصحرواية .