تونس-افريكان مانجر
يتواصل الجدل في تونس بخصوص مرحلة إعداد الدستور الجديد و التحضير لاستفتاء 25 جويلية 2022، خاصة وسط مناخ سياسي مشحون و انتقادات مختلفة للمرحلة الراهنة، فضلا عن تعدد التساؤلات عن الفرضيات المحتملة لفترة ما بعد الاستفتاء.
أسئلة عديدة تطرح، بالتزامن مع التاريخ المحدد لتسلّم رئيس الجمهورية قيس سعيّد لمسودة الدستور الجديد من قبل الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، التي ينسّق أعمالها العميد السابق بكليّة الحقوق والعلوم السياسية بتونس صادق بلعيد.
وقد نص الفصل 22 من المرسوم عدد 30 لسنة 2022 المتعلق “بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”على أن يرفع الرئيس المنسق لهذه الهيئة إلى رئيس الجمهورية، تقارير دورية عن تقدم أعمال لجنة الحوار ويقدم له تقريرها النهائي المتعلق بإعداد الدستور في اجل أقصاه يوم 20 جوان.
فبعد جلسات عقدتها اللجان التي تم إحداثها بمقتضى المرسوم عدد 30، سيتسلم اليوم الاثنين 20 جوان 2022 رئيس الجمهورية مسودة الدستور الجديد على أن يتم نشره في اجل أقصاه 30 جوان الجاري حتى يكون موضوع استفتاء 25 جويلية القادم.
السيناريوهات المحتملة
و عن السيناريوهات المحتملة للفترة القادمة و عن مدى مشروعية الدستور الجديد من الناحية السياسية و القانونية، اتصلت افريكان مانجر بأستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، التي بينت أن الفرضية الأولى تتمثل في نجاح الاستفتاء على الدستور و حصوله على غالبية الأصوات بـ”نعم”.
و أوضحت القليبي، “بعد استكمال مختلف الإجراءات اللازمة و النظر في مختلف الطعون و صدور النتائج النهائية حينها فقط يمكن الحديث عن دستور جديد لتونس من الناحية القانونية”.
أما الفرضية الثانية، تتعلق بفشل الاستفتاء و تصويت غالبية المقترعين بـالرفض، حينها و من الناحية القانونية فانه من المفترض أن يتم استئناف العمل بدستور 2014، مشددة على أنه لا خوف من “حالة الفراغ”، لأن دستور 2014 مازال قائما، سيّما و أن التصويت بـ “لا” يعني رفض للإصلاحات التي أراد رئيس الدولة إحداثها، بالتالي كذلك فانه فلا مبرر للبقاء في حالة الاستثناء، وفق تقديرها.
العامل المحدد
أما من الناحية السياسية، فقد اعتبرت أستاذة القانون الدستوري، أن نسبة المشاركة في الاستفتاء و نسب التصويت ستكون بمثابة نقطة الضعف او القوة للرئيس.
و أضافت قائلة، “اذا كانت نسبة المشاركة في الاستفتاء ضعيفة فان دستور 2022 لن يكون قابلا للنفاذ من الناحية السياسية على الرغم من مشروعيته القانونية”.
و خلصت إلى أن نسبة المشاركة في الاستفتاء ستكون محددة لمصير الاستفتاء و مشروعية الدستور، داعية المواطنين إلى الإقبال على هذا الموعد الانتخابي حتى يحظى بالمشروعية اللازمة سواء بالقبول أو الرفض.
واستنادا لما أكدته محدثنا فانه مهما كانت النتيجة فانه من المُجانب للصواب الاعتقاد أن مشروعية و قوة رئيس الجمهورية ستضعف فقط في حال التصويت كان بالرفض وإنما وضعية رئيس الجمهورية و قدرته على إدارة الشأن العام ستضعف حتى و إن صوت أغلبية المشاركين بنعم لان ضعف النسبة و عزوف أغلبية المواطنين عن المشاركة في هذا الاستحقاق هي في حدّ ذاتها رفض للمشروع و لصاحبه.
و لفتت الى انه من الناحية القانونية و مهما كانت النتيجة النهائية، فانه لا شيء يُجبر رئيس الجمهورية على الاستقالة من منصبه.
وبينت القليبي، ان رئيس الجمهورية في حال فشل الاستفتاء مُطالب بوضع رزنامة محددة وواضحة لرفع حالة الاستثناء و إجراء انتخابات تشريعية مبكرة لتجنب عودة البرلمان المنحل.
دستور 2014
و في سياق متصّل، ذكرت القليبي أن حالة الاستثناء كان من المفترض أن تكون حامية للدستور.
وقالت، “حالة الاستثناء في القانون لا تسمح بالدخول في مرحلة كالتي دخلتها بلادنا و لا تسمح باستبدال دستور بدستور آخر، فضلا عن أن تغيير الدستور أو تنقيحه لا يعتبر أولوية سيّما و أن الظرف الراهن من الناحية السياسية و الأمنية و الاقتصادية لا يسمح بالقيام بإصلاح بهذا القدر من الأهمية”.
و أشارت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، إلى أن دستور 2014 صوت له 200 نائبا من مجموع 217 نائبا، إلا أنه تمت عرقلته من الناحية السياسية عبر تعطيل إحداث هيئاته، متسائلة عن مصير دستور تم إعداده في جوّ مشحون بالتوترات و نسبة العنف فيه متصاعدة حتى في الخطابات الرسمية.