تونس-افريكان مانجر
يضمّ اليوم المشهد الإعلامي التونسي ما لايقل عن 17 برنامجا ممّا يسمى ببرامج تلفزيون الواقع،على غرار”عندي مانقلك”و”المسامح كريم”و”جاك المرسول”. و خلال السنوات الأخيرة وُجهت انتقادات لاذعة لهذه النوعية من البرامج التي اعتمدت في محتواها على مواضيع لم تكن مألوفة على غرار زنا المحارم و الشذوذ الجنسي و الاغتصاب و الشعوذة…
و قد أكدّ لنا عدد من المختصين في الشأن الإعلامي أنّ برامج الواقع في تونس بشكل خاص تعتمد على الإثارة و التهويل واستغلال بساطة بعض الأشخاص حتى تُرّفع في نسب المشاهدة لغايات تجارية. و هو ما يتنافى مع قواعد العمل الصحفي و المتمثلة أساسا في الصبغة التربوية و التثقيفية و النقدية.
خطورة برامج الواقع
يُعتبر برنامج “عندي مانقلك” الذي يقدمه علاء الشابي على قناة التونسية من أكثر البرامج مشاهدة،وخلال الأسبوع المنقضي أحدث ضجة عندما قامت إحدى العائلات برفع دعوى قضائية استعجالية ضده مُطالبة بإيقافه.و بقطع النظر عن الجوانب القانونية فان البرنامج و بحسب رأي البعض يعتمد على الإثارة و قد حاد عن رسالته الإعلامية.
الموقف الذي رفضه مقدم البرنامج علاء الشابي في تصريحات سابقة و قال إنّه لا يعتمد الإثارة لكن الحالات و المشاكل التي ترد عليه أحيانا تتضمن مواضيع حساسة.
و حول برامج الواقع إجمالا ذكر عضو الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري هشام السنوسي ل”افريكان مانجر” أنّه يوجد في تونس 17 برنامجا إعلاميا، بعضها يُقدم تصورات جيّدة خاصة تلك القائمة على مساعدة الفئات الاجتماعية الفقيرة أو محاولة ربط الصلة بين الأفراد،وأسوء تلك الأنواع على حدّ قول محدثنا تلك التي تقوم على ما يُسمى بظاهرة “التلصّص”أو على كشف الحياة الشخصية .و برامج الواقع تُعتبر إشكالا كبيرا حتى بالنسبة للدول الديمقراطية بحسب هشام السنوسي مستشهدا بحادثة انتحار احد الأطباء الفرنسيين المشرفين على إحدى برامج الواقع إثر وفاة مشارك.
و بالعودة إلى وضع هذه النوعية من البرامج في تونس قال السنوسي إنها تشكل خطرا سيما تلك التي تطرح موضوع الشعوذة و السحر دون حضور أطباء نفسانيين و علماء اجتماع لتفسير الظاهرة.
و أضاف عضو الهيئة أنّ بعض القنوات تعتمد على برامج تلفزيون الواقع للترفع في نسب المشاهدة و بالتالي فهي تعتمد اليوم التضخيم في تقديم الحالات و استغلال بساطة بعض الأشخاص.و على هذا الأساس فقد لاحظ هشام السنوسي أنّ القطاع الإعلامي في تونس اليوم يحتاج إلى ورشات عمل لمثل هذه المواضيع دون المسّ طبعا من حرية التعبير.
تغيير توقيت البثّ أولا
من جانبها قالت الإعلامية راضية السعيدي ل”افريكان مانجر” إنّه يجب تغيير توقيت بثّ برامج الواقع مثل برنامج”عندي مانقلك”أو”المسامح كريم” و تأخيرها إلى ما بعد العاشرة ليلا حتى لا تكون محل متابعة خاصة من الأطفال،كما رأت محدثتنا أنه من الضروري منع إعادة بثها طوال النهار.و إجمالا قالت راضية السعيدي إن المشرفين على برامج الواقع مطالبون بانتقاء الحالات و المواضيع.
و باتصال مع الأخصائي النفساني سفيان الزريبي أوضح ل”افريكان مانجر” أن المشكلة في برامج المواقع ليست في نوعية المطروحة بل في طريقة طرحها ،لان التونسي اعتاد و منذ الثورة تناول كل المواضيع و لم يعد شاشات التلفزة ليطلع على نوعية معينة من القضايا كالشذوذ و البغاء و القضايا الإجرامية.
و أضاف الزريبي أن بعض البرامج المقدمة حاليا للمشاهد التونسي لها صبغة تهريجية أكثر من التركيز على البعد التثقيفي و الفرجوي و النقدي و التعليمي،مشيرا إلى أن المعلومة من حق الجميع لكن يجب على الإعلامي تقديمها بطريقة ذكية .
انتحار 20 مشاركا بمختلف الدول
الجدل حول برامج الواقع يشمل اليوم مختلف الدول،و بحسب تقارير إعلامية متطابقة فإنّ برامج الواقع تسببت منذ عام 2000 في انتحار أكثر من 20 مشاركا في مختلف أنحاء العالم،و يُقدر عدد برامج الواقع منذ العشرية الأخيرة بأكثر من 500 برنامج في مختلف أرجاء العالم، معظمها موجه أساسا للشباب وهو رقم مؤهل للارتفاع بحسب تقارير إخبارية فرنسية.
وقد وُجهت أصابع الاتهام إلى شركات الإنتاج التي تحصد الملايين من وراء هذه المشاريع التلفزيونية دون أن تهتم بحماية المشاركين ومتابعة وضعيتهم النفسية أثناء عرض البرنامج وبعد توقفه.
بسمة المعلاوي