تونس –افريكان مانجر
تشهد السوق التونسية منذ مدّة نقصا ملحوظا في عدد من المواد الإستهلاكية الأساسية وخاصة مادة السكر السائب “الصبة” والزيت النباتي المُدّعم ومادة الحليب، وقد اثار فقدان المواد المذكورة استياء في صفوف عدد من المستهلكين الذين أكدّوا في تصريح ل”افريكان مانجر” أنّ بعض التجار استغلوا نقص تزويد السوق بهذه المواد ليفرضوا على المواطن إما الزيادة في الأسعار أو البيع المشروط.
مخزون وطني يكفي ل 3 أشهر
وحول هذا الموضوع أفاد اليوم الخميس 4 ديسمبر 2014 مدير الأبحاث والمؤسسة الاقتصادية بوزارة التجارة محمد العيفة ل”افريكان مانجر” أنّه لا يوجد نقص سواء في مادة الحليب او السكر السائب او الزيت النباتي المدعم، مُشيرا إلى أنّ المخزون الوطني المتوفر حاليا يمكن ان يُغطي حاجيات السوق لمدة تزيد عن 3 أشهر.
وأكد المصدر ذاته أنّه سيتم خلال هذه الفترة التكثيف من حملات المراقبة الاقتصادية للتصدّي للتجاوزات والاخلالات في حق المستهلك، وشدّد محمد العيفة على أنّ الوزارة قامت منذ أمس بضخ كميات إضافية من مادة الزيت المدعم وسيعود تزويد السوق الى نسقه الطبيعي علما وان حجم الاستهلاك الجملي لمادة الزيت يصل الى نحو 130 الف طن سنويا.
وفيما يتعلق بالنقص المسجل في مادة السكر السائب، أفاد المسؤول بوزارة التجارة أن أغلبية التجار والفضاءات التجارية الكبرى لا ترغب في شراء السكر “الصبة” حتى تتجنب عمليات التعليب، وتبعا لذلك فإنّ النية تتجه نحو تعليبه.
وبخصوص فقدان مادة الحليب المعلب في عديد مسالك التوزيع، قال مدير الأبحاث والمؤسسة الاقتصادية ان الأسباب ظرفية مشيرا الى ان المخزون موجود، غير أنّ محدثنا قال إن المواطن غالبا ما يريد التزود من ماركات معينة من الحليب.
تشديد منظومة الرقابة
وفي سياق متصل أكدت وزارة التجارة على لسان المكلف بالاعلام محمد علي الفرشيشي أنّه لا نية للزيادة في الأسعار، مُؤكدا انه سيتم تدعيم منظومة الرقابة في الأسواق.
من جانبه اليوم الخميس وزبر المالية حكيم بن حمودة ما تم ترويجه حول رفع الدعم عن المواد الأساسية مُشيرا ان الدعم سيتواصل وهو يأتي ضمن مشروع ميزانية ،2015 مؤكدا أن الهدف هو مواصلة العمل مع الحكومات القادمة على ترشيد هذا الدعم.
واعتبر بن حمودة في تصريحات صحفية سابقة أن السياسة المعتمدة، حاليا، تجعل من الطبقات الغنية، التي تستهلك كميات أكبر من المواد المدعمة، أكثر استفادة من الدعم من الفئات الفقيرة وهو ما يتنافى مع الأهداف التي وضع من اجلها الصندوق العام للتعويض.
وأوضح الوزير ان الحكومة تعكف، من اجل بلوغ استهداف أفضل للشرائح المستحقة للدعم، على اعداد المعرف الاجتماعي الوحيد لكل مواطن وذلك في إطار لجنة وزارية.
وبين ان هذا المعرف، الذي بلغ اشواطا متقدمة في اعداده، يضم مختلف المعطيات المتعلقة بالمواطن وخاصة الحالة الاجتماعية والجبائية والبنكية بما يمكنه من الانتفاع بمختلف الخدمات الادارية.
واكد بن حمودة، ان الحكومة تدرس، في الوقت الحالي، عديد السيناريوات لاستعمال هذا المعرف في توجيه الدعم مباشرة الى أصحابه.
الشغل يرفض الزيادة في أسعار مواد اساسية
وفي ظلّ تضارب التصريحات بخصوص توجه الحكومة نحو الزيادة في أسعار المواد الأساسية او رفع الدعم عنها، فقد صدرت بيانات من منظمات وطنية تستنكر الارتفاع المشط للأسعار ونقص تزويد السوق المحلية بمواد أساسية.
وفي هذا السياق اعتبر الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريح ل “افريكان مانجر” أنّ إقرار الزيادة في أسعار المواد الأساسية والمحروقات والكهرباء والغاز إجراءات “غير عادية”، مُشيرا إلى أنّ حكومة مهدي تُحاول إيجاد حلول لفشلها في معالجة الملفات الاقتصادية عن طريق اختيار أيسر السبل وهي الترفيع في الأسعار.
وأضاف مُحدّثنا أنّ الحكومة سعت بهذا الإجراء إلى مزيد نهب الأجراء وإثقال كاهلهم بالرغم من محدودية دخلهم حسب قوله، مُشيرا الى أنّ الاتحاد يستنكر الزيادة في أسعار المواد التي تمس الحياة اليومية للمواطن.
وأشار الطاهري إلى أنّه كان من المفترض على الحكومة أن تُقرّر التخفيض في أسعار المحروقات والكهرباء والغاز في السوق التونسية الداخلية بالنظر إلى تراجعه على المستوى العالمي، على غرار ما تُقرّه بعض الدول حيث تقوم بالتخفيضات عند تدّني سعر برميل النفط دوليا.
ويأتي هذا التعليق على خلفية ما صرّح به مؤخرا كمال بن ناصر وزير الصناعة والطاقة والمناجم، حيث توّقع ان يتم الزيادة فى اسعار الكهرباء والغاز خلال سنة 2015 في حدود 7 بالمائة وذلك مرة واحدة. كما أفاد ان هذا التعديل يظل رهين بقاء الاسعار العالمية للغاز فى المستويات الحالية وكذلك اسعار برميل النفط 75 دولار للبرميل حاليا.
دعوة لتجميد الأسعار
من جانبها حذرت منظمة الدفاع عن المستهلك من خطورة تداعيات أي قرار بالزيادة في اسعار المواد الاساسية والمحروقات والكهرباء والغاز والماء او رفع الدعم عنها . وطالبت في بلاغ اصدرته مطلع الأسبوع الجاري بان لا تتم أي زيادة قبل الاتفاق النهائي مع جميع الاطراف على تفاصيل تقنية الاستهداف التي سيقع اعتمادها للتعويض للطبقات الوسطى والضعيفة قبل رفع الدعم وشددت المنظمة امام تداول اخبار رسمية حكومية وغير رسمية عن زيادات جديدة منتظرة ورفع للدعم عن عديد المواد والخدمات الاساسية والضرورية على ضرورة المراجعة المعمقة لعديد الفصول المدرجة في قانون المالية لسنة 2015.
وشددت منظمة الدفاع عن المستهلك على ان تأخذ هذه المراجعة بعين الاعتبار وضعية التدهور الكبير للقدرة الشرائية ونسب التضخم وتراجع اسعار الطاقة والاستقرار النسبي لأسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي وتحسن المردود الجبائي للمالية العمومية سنة 2015 بنسبة 8ر5 بالمائة.
ودعت المنظمة في نفس الإطار الى هدنة شاملة خلال 2015 من خلال تجميد اسعار المواد والخدمات وعبر موازرة غير مشروطة من قبل المنظمات المهنية موصية بان تبذل السلطات النقدية اقصى ما في وسعها للحد من انحدار قيمة الدينار التونسي وتحسين مردوديته