تونس-أفريكان مانجر
أثبتت التّقارير الصادرة عن وزارة المالية المُتعلقة بالمنح المُسندة للوداديات والجمعيّات أنَّالمنح المسندة من ميزانية الدولة لفائدة الجمعيات والوداديات فاقت 1000 مليون دينار خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى غايةِ سنة 2023 حيث تم اعتماد معدل مجموع المنح المُسندة بالنسبة لسنة 2014 و ذلك بحسب ما جاء في تقرير لمرصد رقابة تحت عنوان التّمويلُ العموميّ للوداديّات والجَمعيات.
و بحسب ذات التقرير فإن المنحُ المسندة من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية قاربت نسبتها 50 بالمائة من مجموع المنح المسندة خلال الفترة المذكورة، و قد استأثر الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي والجمعياتُ ذات الصبغة الاجتماعية بالنصيب الأكبر تليهما على التوالي ودادية الأعوَان والجمعيات ووداديات أخرى.
و تأتيوزارة المرأة والأسرة في المرتبة الثانية حيثُ بلغت المنح المسندة من طرفها 150 مليون دينارا ونسبة كبيرة منها تحصَّل عليها الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي ووداديات الأعوان.
كما قامت وزارة الفلاحة بإسناد مبالغ ناهزت 80 مليون دينار خلال الفترة المعنية تليها وزارات الداخلية والمالية والعدل.
و تمثل المبالغ المذكورة سابقا 80 بالمائة من مجموع المبالغ المسندة بصفة جملية من طرف المؤسسات العمومية .
هذا و شهدَ التمويل العمومي المسند من قبل عديد الوزارات بين سنتي 2012 و2023 ارتفاعا هاما لتبلغ هذه الزيادة 70 بالمائة بالنسبة لوزارة التجهيز والإسكان و 52 بالمائة بالنسبة لوزارة الفلاحة و 27 بالمائة لووزارتي التجارة والداخلية ).
أما بالنسبة للمنح المسندة في إطار التمويل العمومي للجمعيات من طرف المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية في إطار ميزانيتها المستقلة فقد قدرها مرصد رقابة بأكثر من 50 مليون دينارا سنويا، علما وان أغلب المؤسسات والمنشآت العمومية تعاني من وضعية مالية صعبة نتيجة تسجيليها لخسائر متراكمة.
و أمام هذه المبالغ المهولة التي تتمتع بها الوداديات والجمعيات من المال العام بعنوان الدعم فإن منظومة الرقابة بخصوصها كانت دون المأمول بحسب مرصد رقابة
ولاحظ المرصد بعد دراسة العديد من الملفات عدم احترام الهياكل العمومية للإطار القانوني والترتيبي للتمويل العمومي للجمعيات بما فتح الباب على مصراعيه للفساد حيث تحولت العديد من الوداديات إلى “خزائن سوداء” لصرف منح وامتيازات عينية قارة للأعوان غير خاضعة للاقتطاع بعنوان الضمان الاجتماعي وغير خاضعة للضريبة على الأجر.
كما تحولت العديد من وداديات الأعوان إلى وكالات أسفار لتنظيم السفرات إلى الخارج للأعوان وذويهم مقابل مشاركتهم بمبالغ زهيدة وأحيانا لا يتم خلاصها من طرفهم، لشراء ولائهم للمسؤولين القائمين خاصة إذا تعلق الأمر بنقابيين وأعوان نافذين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن جزءا من التمويل العمومي قد تم تخصيصهُ لفائدة جمعيات رياضية نخر بعضها الفسادُ في التسيير وسوء التصرف بما يعني أن التمويل العمومي المسند إليها ليس إلا إهدارا للمال العامّ.
و دعا مرصدُ رقابة رئاسة الحكومة إلى تشديد الرقابة على التمويل العمومي المذكور والتتبّع الاداري والجزائي لكلِّ من يثبت تورطه في عمليات فساد في هذَا الإطار.
كما يدعُوها إلى دعوة المؤسسات والمنشآت العمومية التي سجّلت نتائج سنويّة صافية سلبيّة إلى الامتناع مُستقبلا عن إسناد أيّ تمويل عمومي للجمعيّات، حيثُ من غير المعقول ومن غير المقبولِ أن يسَاهم التّمويل العمومي في تفاقُم خسائر هذه المُؤسسات والمنشآت العموميّة.
و في هذا السياق تستمع لجنة الحقوق والحرّيات، في اجتماعها اليوم الإثنين 6 ماي 2024، إلى ممثلين عن وزارة الماليّة في إطار مواصلة سلسلة الاستماعات التي تعقدها بمناسبة مناقشة مقترح قانون أساسي يتعلّق بتنظيم الجمعيات.
وأفادت نائب رئيس اللّجنة فاتن نصيبي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، بأنّ اللّجنة ستستمع في قادم اجتماعاتها كذلك إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة وكذلك عن وزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعيّة والهيئة الوطنيّة للمحامين (طلبت الاستماع لها).
وأوضحت أنه إلى حدّ الآن لم يطلب أي ائتلاف مدني أو جمعية الاستماع لها في هذا الشأن. وكانت لجنة الحقوق والحرّيات شرعت يوم 28 فيفري 2024 في النّظر في مقترح قانون أساسي يتعلّق بتنظيم الجمعيات المقدّم من مجموعة من النّواب (10 نواب) منذ شهر ديسمبر 2023.
وبيّن أصحاب المبادرة أن مشروع القانون “لا يهدف الى تضييق الخناق على الجمعيات بقدر ما يهدف إلى تنظيم عملها وفق قانون أساسي يوقف العمل بالمرسوم عدد 88 الذي تشوبه عدة نقائص”، مؤكّدين أن هذا المقترح قابل للنّقاش والمراجعة وأنّ اللّجنة ستستمع إلى مكونات المجتمع المدني بشأنه.
في المقابل، عبّرت مجموعة من مكوّنات المجتمع المدني، بينها الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان، في بيان مشترك يوم 13 ديسمبر 2023، عن رفضها لهذا المقترح، واعتبرته تهديدا لحرية العمل الجمعياتي ومحاولة لمحاصرة الفضاء المدني في تونس.
وأكّدت تمسكها بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 كإطار قانوني لتنظيم الجمعيات، معتبرة أن الإطار القانوني الوارد بالمرسوم 88 وغيره من النصوص القانونية المنطبقة على عمل الجمعيات كفيل بضمان شفافية نشاطها وتسييرها وتمويلها.