تونس-افريكان مانجر
أثار الفصل السادس من الدستور التونسي الذي صادق عليه نواب المجلس التأسيسي مؤخرا احتجاج عدد من الأئمة و رجال الدين في تونس حيث أصدروا فتوى شرعية تتضمن تحريم الموافقة على مضمون هذا الفصل، ودعوا إلى اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريعة، مؤكدين أن الفصل السادس يفتح الباب على مصراعيه لانتشار الإلحاد وما يخالف العقيدة الإسلامية.
وينص الفصل السادس على أن “الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي. يُحجَّرُ التكفير والتحريض على العنف”.
حرية الضمير و اعتناق الشخص ما يراه صحيحا
و فسر أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور “حرية الضمير ” في هذا الفصل و التي أثار جدلا واسعا بأن حرية الضمير تعني “ان يؤمن الشخص أو يعتقد ما يمليه عليه اقتناعه الشخصي حسب تأمله في الاشياء و تتعلق هذه الحرية بالقناعات الكبرى التي تستوجب اختيارا بين أضداد في مجالات خلافية من مجال النظر الفلسفي و الاخلاق و المعتقد الديني “، وفق ورقة دراسية نشرها.
و تقضي هذه الحرية من الناحية الايجابية بان يعتنق الشخص ما يراه صحيحا من المعتقدات و الآراء و من الناحية السلبية أن لا يكون له أي اعتقاد و أن لا يكون مجبرا على إظهار معتقده .
علاقة حرية الضمير بحرية الدين
و قال عياض بن عاشور في السياق ذاته إن حرية الضمير لها علاقة متينة و قوية بينها و بين حرية الدين و ذلك رغم أن الاعتقاد الديني رغم انه يرفع للعيان مبدأ “لا إكراه في الدين ” و تبقى الحرية الدينية مبنية لدى المجتمعات مبنية على التراث و التوجه الجماعي.
و أضاف بن عاشور أن حرية الضمير وحدها تضمن أن يكون للدين معنى صادق غير مزيف أو مبنى على الروع و الفزع أي أنها وحدها تحقق مبدأ “لا إكراه في الدين” الذي ينادي به الدين الصحيح البعيد عن الاستغلال السياسي و مناوراته .
أحزاب سياسية ضد الفصل السادس
من جهة أخرى أدان عدد من النواب و من بينهم النائب عن حركة النهضة الحبيب اللوز والنائب المستقل عبد الستار الضيفي و اللذان يقومان الان بجمع عدد من إمضاءات النواب على عريضتين تتعلقان بتنقيح الفصل السادس من مشروع الدستور.
و من جهته ندد رئيس تيار المحبة الهاشمي الحامدي بالدستور التونسي الجديد قائلا انه ‘معادٍ للإسلام والمسلمين’.
وقال الحامدي في تصريحات اعلامية أن ‘هذا الدستور معاد للشعب التونسي وانه أسوأ من دستور بورقيبة’، مؤكدا أن ‘أي محام ماهر يمكنه استغلال الفصل السادس من الدستور لحظر تداول القرآن الكريم’.
وأكد أن كتلته حصلت على 72 توقيعا (من أصل 217) من أجل إسقاط الفصل السادس من الدستور، مشيرا إلى أنه في حال فشله بذلك سيستفتي الشعب على الدستور ليقوم بتغيره.
نواب تأكد عدم إمكانية تنقيح الفصل
من جهتها قالت النائبة سامية عبو في تصريح لـ”افريكان مانجر” انه لا يمكن أن يتم التراجع عن الفصل 6 من الدستور و أن لكل إنسان الحق في الاحتجاج إلا أنها أكدت أن الجلسة العامة قد نظرت في الفصل و مررته بالأغلبية التي أكدت أن النواب لن يخضعوا لأي ضغط لسحب هذا الفصل بحسب تعبيرها.
هذا و أكد نائب أخر من المعارضة التونسية رفض الكشف عن هويته أن هذا الفصل ليس فيه أي مساس من حرية الدين أو المعتقد و ان ليس فيه أي تجاوز للضوابط الدينية مشددا على أن الأغلبية التي قامت بالمصادقة عليه لن تتنازل عنه و لن تقوم بمراجعته كما طلب عدد من الأئمة .
فريد الباجي يؤكد دعمه للحرية الضمير
بدوره، اوضح رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية فريد الباجي في تصريح اعلامي انه يدعم الفصل السادس دعما تاما و اعتبر انه فصل يتماشى مع مقاصد الشريعة الاسلامية مطالبا بتفعيله قانونيا وقضائيا بحسب تعبيره .