تونس-أفريكان مانجر
بعد تعليق العمل بالإتاوات الخاصة بالناشطين في قطاع النقل يوم 9 جانفي الجاري والذي من المفروض أن يدرّ على خزينة الدّولة 69 مليون دينار، وبعد تعليق قرار تعديل أسعار المحروقات يوم أمس 15 جانفي الوارد بميزانية الدولة لسنة 2014 والذي من المفروض أن يدر على خزينة الدولة حوالي 220 مليون دينار، تعمل حاليّا منظمة الدفاع عن المستهلك على إعداد جملة من المقترحات لمراجعة قانون المالية لسنة 2014 لتقديمها للحكومة الجديدة.
يشار إلى أنّ هذه المقترحات تتضمّن 11 نقطة تهدف أساسا إلى المحافظة على القدرة الشرائية للمستهلك التونسي.
وفي هذا الإطار صرّح محمّد زرّوق نائب رئيس منظّمة الدّفاع عن المستهلك لـ “أفريكان مانجر” أنّ حالة الاحتقان الرّاهنة في الشّارع التّونسي بسبب قانون الماليّة لسنة 2014 تتطلّب دراسته في العمق هذه المرّة، بالاعتماد على موارد جبائيّة وأخرى يمكن تجميعها بصفة عادلة دون خلق نوعا من الاحتقان و الغليان في صفوف المواطنين، مضيفا أنّ ميزانيّة 2014 قدّرت بـ 28.2 مليار دينار، وانبنت أساسا على التّرفيع في الاداءات والتّقليص في الدّعم وهو أمر يضرّ بالمقدرة الشّرائيّة للمستهلك التّونسي ويستنزف الطّبقات الاستهلاكيّة المعدومة والضّعيفة والمتوسّطة التي تعتبر بمثابة “رأس مال” البلاد التّونسيّة (35 % من الاداءات تدفعها الطّبقة المتوسّطة) وعلى هذا الأساس تقترح المنظّمة حسب ما أفادنا به مصدرنا مراجعة أغلب فصول قانون الماليّة مع المحافظة فقط على عنصر وحيد في الميزانيّة المتمثّل في أجور الموظّفين العموميين والمقّدّر بـ 10.5 مليار دينار.
هدنة اجتماعيّة شاملة من جهة أخرى، قال محدّثنا أنّه بعد دعوة الإتّحاد التّونسي للشغل في الأيّام القليلة الفارطة إلى هدنة اجتماعيّة ( وقف الإضرابات/ تجميد الأجور…)، تنادي منظّمة الدّفاع عن المستهلك بهدنة اجتماعيّة شاملة، وذلك بمطالبة منظّمة الأعراف بتجميد أسعار الموّاد والخدمات الحرّة على مستوى الإنتاج والتّوزيع في سنة 2014 ومطالبة الاتّحاد التّونسي للفلاحة والصّيد البحري بتوفير عرضا متوازنا للمنتوجات الفلاحيّة والبحريّة والعمل مع الأطراف المتداخلة (وزارة التّجارة) على بيع هذه الكميات في أسواق الجملة (60 % من المنتوجات الفلاحيّة والبحريّة تباع في الأسواق الموازية وتهرّب إلى الدّول المجاورة) والهدف من ذلك على حدّ تعبيره هو إرجاع نسب التّصخّم المالي ونسب المؤشّر العامّ للاستهلاك العائلي إلى نسب عاديّة ومعقولة تتراوح بين 2 و3%.
كما أشار نائب رئيس المنظّمة إلى أنّه على الحكومة الجديدة العمل على تقليص نسب التّضخّم في سنة 2014 بعدم الزّيادة في أسعار الموّاد المدعّمة وخاصّة منها المحروقات التّي تمّ أمس تعليق الزّيادة الأولى في أسعارها.
أمّا المقترح الثّالث للمنظّمة حسب تصريحات مصدرنا، فقد تمثّل في المطالبة بالتّرفيع في منحة العائلات المعوزة( 110 دينار شهريّا) التّي تقدّمها الدّولة لهذه الطبقة المعدومة الدّخل ا لتبلغ على الأقلّ 200 دينارا وإدراج تلك الزّيادة في قانون ماليّة 2014 ، كما تقترح المنظّمة سحب الفصل الذي يعفي الطّبقة الضّعيفة الذي لا يتجاوز دخلها الشهري 600 دينار من الأداء على الدّخل للأشخاص الطّبيعيين بدل إعفاء الذين لا يتجاوز دخلهم الشّهري 400 دينار (ميزانيّة 2014 “القديمة”).
ضرورة سنّ تشاريع زجريّة تردع المخالفين
وفي سياق أخر، بيّن محمّد زرّوق أنّ المنظّمة في إطار مقترحاتها، تطالب الحكومة الجديدة بالبدء في مراجعة هيكليّة لمسالك التّوزيع (موّاد وخدمات) ، خاصّة وأنّ التّجارة الموازية تمثّل قرابة 40 % من الدّخل العامّ الخامّ وانّ هذه الأسواق يحتلّها المضاربين والمهرّبين والمحتكرين ورغم ذلك لم تجرؤ على حدّ تعبيره الحكومات المتعاقبة بعد الثّورة على التّصدّي لهذه الظّاهرة الخطيرة التّي تستنزف موارد البلاد، ولذلك تطالب المنظّمة بسنّ تشريعات زجريّة تردع المخالفين وتطهّر مسالك التّوزيع.
والى جانب هذا المقترح تطالب أيضا المنظّمة بمراجعة الحكومة لصندوق التّعويض بعد انتهائها من الدّراسة التّقييميّة و الإستراتيجية لتدخّلات الصندوق التّي وعدت بها، علما وأنّ المنظّمة لديها مقترحات لاستهداف أصحّ وعادل لتدخّلات هذا الصندوق، وفي هذا الإطار أكّد نفس المصدر أنّ 50 % من تدخّلات الصّندوق تستفيد بها الدّولة وهذا غير جائز على حدّ تعبيره، إذ يجب على الدّولة فصل استهلاكها عن استهلاكات الطبقات الضعيفة المخوّلة قانونيّا بالتّمتّع بتدخّلات هذا الصندوق.
أمّا بالنّسبة لموضوع رأسملة البنوك الذي خصّصت له الدّولة 500 مليون دينار في ميزانيّة 2014 فهو غير مناسب في هذه الفترة ولا يتماشى مع الوضع الرّاهن للبلاد على حدّ تعبير محمّد زرّوق، خاصّة وأن هذه البنوك موجودة في البورصة وتوزّع مرابيح هامّة.
دعوة إلى المطالبة بمهلة بسنين لتسديد الدّيون الخارجيّة
من جهة أخرى، تحدّث نائب رئيس المنظّمة عن ميزانيّة التّنمية ونسبة الانجاز الضّعيفة جدّا بسبب ضعف قدرة المقاولات على الانجاز في الآجال، ولهذا يطالب مصدرنا الحكومة الجديدة بضرورة درس تشريعات الصّفقات العموميّة التّي أصبحت اليوم عائقا أمام تحقيق التّنمية في الجهات. كما يقترح نفس المصدر في صورة استحالة توفير موارد لتغطية حاجيات الميزانيّة بمطالبة بعض الدّول المقرضة أو بعض المؤسّسات الماليّة العالميّة والاقليميّة بمهلة استثنائيّة لمدّة سنتين أو ثلاث لتسديد الدّيون المتخلّدة بذمّتها لتخفيف العبء على ميزانيّة الدّولة في هذه الفترة الصّعبة، علما وانّ بلادنا تسدّد سنويّا حوالي 5 مليار دينار كأصل الدّين وكخدمة فائدة الدّين.
وبخصوص النّقطة الأخيرة، يشدّد محدّثنا على ضرورة تفعيل مقرّرات المجلس الوطني للجباية في ما يخصّ الجباية التّقديريّة لتصبح جباية حقيقيّة، الشّيء الذي من شأنه أن يعطي موارد جبائيّة للدولة كانت غير مستفيدة بها، هذا إلى جانب دعوة إلى إرساء سياسة استخلاصات أكثر نجاعة لاستخلاص الديون المسجّلة لفائدة الدولة لدى الصناعيين والتجار المقننين التي تقدّر 4 مليار دينار إلى حدود سنة 2013.
هدى هوّاشي