تونس- افريكان مانجر
أفاد رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي أن بعض الموظفين بالإدارات العمومية التونسية يتعللون بوجود عطب على مستوى “السيستام”، ويفضلون التعامل بالوثائق حتى يتسنى لهم الحصول على رشاو وهدايا مقابل تسهيل المعاملات اليومية والنفاذ الى الخدمات الإدارية.
وقال إنّ بعض الموظفين يستعملون مصطلح “الريزو طايح” لإجبار المواطن على طلب التدّخل لفائدته ومساعدته على قضاء شؤونه مصالحه، بمقابل مادي.
الرقمنة ضدّ الفساد
وشدّد الميساوي في حوار مع “افريكان مانجر” على أنّ عولمة الإدارة ورقمنة كلّ المعاملات من الآليات الضرورية للحدّ من ” آفة الفساد” التي استفحلت بشكل كبير في تونس خلال السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أنّ تفاقم الظاهرة في كلّ المجالات تقريبا، اثر سلبا على نسق الاستثمارات مضيفا أن “بيروقراطية الإدارة والفساد والإجراءات المعقدة حالت دون توفير الظروف الملائمة لجلب الاستثمار ورؤوس الأموال الى تونس بالشكل المطلوب.
وقال إنّ تكلفة الفساد باهظة جدّا، وسنويا تخسر بلادنا نحو 4 نقاط من نسب النموّ.
استغراب من جائزة الديوانة
وتعليقا على حصول الإدارة العامة للديوانة على الجائزة الأولى للإدارات العمومية في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد، عبر الميساوي عن استغرابه من منح الجائزة لسلك الديوانة، مضيفا ان الجمعية تطالب بالإطلاع على المعايير التي اعتمدتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تقييمها.
وقال إنّ “الديوانة كانت لوقت قريب من أكثر الإدارات فسادا في تونس.. ونريد كمجتمع مدني أن نعرف ما الذي تغير في هذه المؤسسة حتى تحصل على الجائزة الأولى”، بحسب تصريحه.
مرحلة “وضع المساحيق”
وإجمالا، أكد رئيس الجمعية أن مؤشرات الفساد لم تتراجع وان انتشاره في مختلف القطاعات بات يهدد السلم الاقتصادي والاجتماعي، وقال إنّ تونس أصبحت نموذجا يُدّرس في الفساد ولا”وجود لإرادة حقيقية للقضاء على الآفة”، وفق قوله.
وأضاف ان الحكومة حاولت إيهام المواطنين بأنّها تضع ملف محاربة الفساد ضمن أولوياتها، غير أنّها لم تتخذ لذلك الإجراءات اللازمة “ولا وجود لآليات جدية للعقاب والردع”.
وتابع”دخلنا الآن مرحلة وضع المساحيق… وحتى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لم تحقق نتائج تُذكر … واستنزفت الوقت في إجراء الندوات واللقاءات الصحفية لا غير”.
وشدّد رئيس الجمعية على انه يتوجب على الحكومة وضع إستراتيجية ناجعة وفعاله لمكافحة الفساد، لا ان تكتفي بالشعارات.
واكد أنّنا في تونس” وصلنا مرحلة قبول ثقافة الفساد”، وهي مرحلة خطيرة وفق قوله، محذّرا من استفحال حجم ما يسمى بالفساد الصغير.
انتقاد للهيئة
وبحسب دراسة سابقة انجزتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين فان حجم الفساد الصغير في تونس بلغ سنة 2013 قرابة 450 مليون دينار.
ويعتبر 77 بالمائة من التونسيين أن الفساد زاد بعد الثورة في تونس بعد الثورة رغم دخول البلاد في مسار لارساء قواعد الحوكمة الرشيدة في حين يعتبر 81 بالمائة ضعف اليات الرقابة اهم الاسباب الكامنة وراء انتشار هذه الظاهرة.
وبينت الدراسة أن 75 بالمائة من التونسيين يعتبرون ان الفساد الصغير مرده الاجرام والارهاب و74 بالمائة أنها تضر بالمقدرة الشرائية و43 بالمائة أنها ضرورية للقيام بعديد المعاملات.
هذا، وقد تقدمت تونس بمرتبة واحدة في التصنيف العالمي لمؤشر مدركات الفساد، لتحتل المرتبة 73 من مجموع 180 دولة شملتها دراسة منظمة الشفافية الدولية واعلنت نتائجها منظمة “انا يقظ” خلال شهر جانفي الماضي، وهو ما خولها ايضا للتقدم بدرجة في المعدل حيث كان عدد النقاط 42 سنة 2017، وتحصلت سنة 2018 على 43 نقطة من أصل 100.
واعتبرت «أنا يقظ» انه ورغم ما توفر لهيئة مكافحة الفساد من إمكانيات في السنة الأخيرة ومن إطار قانوني لحماية المبلغين مازالت تفتقد الى النجاعة في عملها في البت في ملفات التبليغ وحماية المبلغين التي تعتبرها المنظمة دون المأمول، الى جانب غياب النصوص التطبيقية الضامنة لحسن عمل الهيئة.
وتحتل تونس المرتبة السابعة عربيا في مؤشرات مدركات الفساد مع المملكة المغربية، في حين تحتل الامارات العربية المرتبة الاولى عربيا يليها في ذلك دولة قطر فعمان فالاردن فالمملكة العربية السعودية.