تونس-افريكان مانجر
أثار تقرير لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بخصوص اكتشاف حوضين كبيرين للنفط والغاز يغطيان مناطق واسعة بين تونس وليبيا، جدلا واسعا بين التونسيين، حول مدى صحة هذه المعطيات في وقت تعرف فيه تونس تراجعا في الانتاج و ارتفاعا في نسب العجز الطاقي.
في هذا السياق اتصلت افريكان مانجر، بالمستشار الجيولوجي بالإدارة العامة للأنشطة البترولية الحبيب الطرودي، الذي أكد أن التقرير الذي تم تداوله مؤخرا يعود لسنوات 2010 و 2011، وهي دراسة “سطحية” لا ترتكز على معطيات علمية و تقنية، فضلا عن أنها تفتقد للدقة و لم تعتمد على أهم العناصر التي تسمح بالحديث عن وجود مكامن نفطية جديدة والمتمثلة في المسح الزلزالي.
و أوضح مصدرنا، أن المكامن النفطية لا يمكن اكتشافها الا في صورة القيام بمسح زلزالي، مشيرا الى وجود دراسات أخرى أكثر عمق و شمولية قام بها خبراء من تونس على نفس الحوض الرسوبي، بينت ان أغلبية الحقول التي وقع اكتشافها سلبية أو رمزية وغير مشجعه، وفق تقديره.
وشدد الطرودي، على أنه منذ سنة 2010 لاوجود لاكتشافات جديدة و لم يقع حفر ابار اضافية باستثناء المكامن التي وقع اكتشافها سابقا (1970)، موضحا أن الاستكشافات تتطلب تقنيات متطورة مبنية على اسس علمية تجمع بين الدراسات الجيولوجية و التحاليل و المسح الزلزالي الذي يُعد عنصرا أساسيا لتحديد المكامن البترولية و حجمها و طاقة انتاجها.
ولفت الى أن مسح زلزالي على مساحة ما يقارب 200 الف كلم مربع يمتد على خليج قابس و الحمامات والساحل التونسي، لم يُبين وجود مكامن نفطية كبرى قابلة للحفر.
وردا عن سؤال يتعلق برخص الاستكشاف، أفاد الطرودي، أنه حاليا هناك 17 رخصة استكشاف و بحث، الا أن 72% من مساحة تونس تُسمى بالمساحة المفتوحة لا يوجد فيها شركات بحث أو تنقيب بسبب طبيعة الأحواض الجيولوجية الصعبة و المعقدة و عدم وجود مكامن يمكن الولوج اليها بتقنيات بسيطة، بل تتطلب موارد كبرى على غرار حوض شمال تونس البحري و البري و حوض تونس الوسطى.
واعتبر المستشار الجيولوجي، الوضع الطاقي في تونس مُقلق، سيما و قد انجر عنه عزوف كبرى الشركات النفطية عن التنقيب و الاستكشاف في بلادنا، موضحا أن أغلب الشركات المتواجدة في تونس ذات حجم صغير ونشاطها محدودة و امكانياتها قليلة، وفق تقديره.
ووصف الطرودي، الموارد الطاقية في تونس بـ”الفُتات” الذي لا يجلب المستثمرين، وتونس مُطالبة بالعمل على استقطاب الاستثمارات و تشجيعها في هذا المجال، عبر مراجعة مجلة محروقات لتكون أكثر مرونة و تتضمن تسهيلات لجلب المستثمر الأجنبي.
و خلص الى أنه خلال العشرية الأخيرة لم يتم استقطاب مستثمرين جُدد و لاوجود لاستكشافات جديدة، في المقابل فان الحقول تشهد نبوضا تلقائيا، وهو ما يؤكد أن المؤشرات الواردة بتقرير هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية التي تُرجح أن تُصبح تونس منتجًا رئيسيًا للطاقة في شمال إفريقيا، غير صحيحة و بعيدة عن الواقع.
جدير بالذكر، فان نسبة العجز الطاقي الحالي في تونس تناهز الـ 53% اي ان أكثر من نصف كمية الطاقة المستهلكة حاليا سواء من الغاز او المواد البترولية هي مُوردة.
وتُشير المعطيات الرسمية الى أن نسبة تطوّر العجز سنويا في حدود 10%، وفي صورة تواصل الطلب بنفس النسق بالتزامن مع عدم وجود اكتشافات جديدة ذات قيمة فان نسبة العجز الطاقي ستصل بحلول سنة 2030 إلى 80%.
ويقدر الإنتاج الوطني من منتجات النفط بحوالي 35 الف برميل في اليوم ويصل استهلاك المواد البترولية الى زهاء 90 الف برميل يوميا. في المقابل، فان إنتاج الشركة التونسية لصناعات التكرير يبلغ 32 الف برميل بشكل يومي.
و يُعتبر عزوف الشركات العالمية على الاستثمار في تونس على غرار”شال” و “اني” أبرز التهديدات التي يواجهها قطاع الطاقة في تونس، فضلا عن الاعتصامات و الاضرابات التي تعيق أنشطة الاستكشاف والتطوير، وتفاقم ظاهرة احتماء المهاجرين غير الشرعيين بالمطبات البترولية البحرية (مسكار وصدربعل وعشتروت).
ومن بين أهم التهديدات الأخرى تلك المتصّلة بامكانية عدم قدرة المؤسسات العمومية STEG,STIR,ETAP على الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه الشركاء والمزودين وهو ما من شأنه أن يتسبب في خلق مناخ عدم ثقة وبالتالي تهديد التزود.