تونس- أفريكان مانجر
كشف اليوم الجمعة 9 ماي 2014 الوزير المكلف بالأمن رضا صفر أن السماح لإسرائيليين دخول تونس بوثائق اسرائيلية هو قرار اتخذ مباشرة بعد 14 جانفي 2011، واعتبر هذا الأمر مجرد إجراء إداري وليس تطبيعا خلافا لاتهامات نحو 80 نائبا لهذا الوزير ولزميلته وزيرة السياحة آمال كربول.
ويأتي هذا التطور في المشهد السياسي التونسي في وقت يستبعد فيه مراقبون تمرير سحب الثقة ضد هذين الوزيرن.
وجاء توضيح رضا صفر بمناسبة مساءلة له ولزميلته وزيرة السياحة في جلسة عامة علنية اليوم قررها أغلب نواب التأسيسي.
ويبقى قرار السماح لإسرائيليين دخول تونس بخلاف الاجراءات المعتمدة في نظامي بن علي وبورقيبة غامض خاصة وأنه يعتبر ضمن أول القرارت التي اتخذت إبان الثورة التونسية، حيث أكد الوزير رضا صفر أنه اجراء معتمد منذ 14 جانفي 2011، تاريخ الثورة التونسية.
وكانت تونس تسمح قبل الثورة للإسرائيليين غير الفلسطينيين دخول تونس إما بجواز سفر غير اسرائيلي أو بمقتضى رخصة عبور استثنائية بمناسبة زيارتهم تونس لأداء مناسك حج الغريبة اليهودي احتراما للأديان في تونس.
لائحتا لوم
يذكر أنه تمّ بتاريخ 24 أفريل 2014، تقديم لائحتي لوم من قبل 81 نائبا ضدّ كلّ من وزيرة السياحة آمال كربول والوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن رضا صفر على خلفية دخول إسرائيليين إلى تونس.
وتتعلّق هاتين اللّائحتين « بالقرار الصّادر في الفترة الأخيرة من قبل الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن، و القاضي بالسّماح لمجموعة من الحاملين للجنسيّة الاسرائيليّة الدّخول إلى التّراب التّونسي واستقبالهم من قبل وزيرة السّياحة.”.
وقد اعتبر النّواب الممضون على لائحتي اللّوم أن « هذا القرار يعدّ خرقا لأحكام الدّستور و شكل من أشكال التّطبيع مع الكيان الصّهيوني بوصفها دولة احتلال و استيطان»، ممّا استوجب توجيه لائحتي اللّوم إلى الوزيرين.
الاسرائيليون في تونس بتسهيلات من النهضة
من جانبه كشف بالأرقام النائب محمود البارودي من التحالف الديمقراطي، أن الاسرائيليين يدخلون تونس في حقيقة الأمر وبوثائق اسرائيلية على امتداد الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وكانت أعلى الأرقام التي كشفها هذا النائب تلك المسجلة في حكومة الترويكا بقيادة حركة النهضة الاسلامية. وقدر عددهم منذ الثورة إلى الآن بالمئات.
واعتبر هذا النائب أن الأمر هو عبارة عن مزايدات ونفاق سياسي حيث أنه تم الصمت على هذا الأمر في السابق فيما تم تحريكه حاليا، مطالبا أنه كان الأجدى بالنسبة لرافضين التطبيع العمل على سن قانون يمنع دخول اسرائيليين لشكل صريح بدل المراوغة في الاجراءات والغوص في مساءلات اعتبرها مضيعة للوقت.
طي الصفحة
بدورة سارع رئيس كتلة النهضة صحبي عتيق إلى الدعوة لطي صفحة هذا الملف الشائك داعيا الوزير المسؤول بتقديم اعتذاره ليغلق هذا الملف نهائيا، في محاولة منه على ما يبدو لإبعاد حركته عن أي شبهات تطبيع مع اسرائيل خاصة وأن وزراء النهضة (حمادي الجبالي وعلي العريض) كانا قد سهلا هذه العملية في كنف السرّية التامة قبل أن يتم كشفها على اثر تسريب وثيقة تسمح لـ”التطبيع” تحت غطاء اداري واجراء بيروقراطي.!
لا سحب ثقة
ويستبعد مراقبون سحب الثقة من هذين الوزيرين، بسبب اتهمات بالتطبيع و”تسهيل” دخول سياح إسرائيليين إلى تونس، خاصة وأن لائحة اللوم ضدة وزيرة السياحة تضمنت معلومات خاطئة بشأن تحول هذه الأخيرة لميناء حلق الوادي لاستقبال اسرائيلين، وهو ما نفته هذه الأخيرة اليوم جملة وتفصيلا.
ويشترط القانون الداخلي للتأسيسي تصويت 131 من نواب المجلس لإقالة وزير في الحكومة، وهو أمر مستحيل في ظل رفض نواب حركة النهضة لهذه المساءلة اصلا بالإضافة إلى دعوة نواب آخرين وعلى رأسهم النائب طاهر هميلة إلى التطبيع مع اسرائيل فيما اعتبر آخرون أنه لا يوجد قانون يمنع التطبيع.
ويتزامن هذا الجدل، مع قرب تنظيم موسم الحج اليهودي السنوي إلى كنيس “الغريبة” اليهودي الذي يقع في جزيرة جربة والمقرر ما بين 16 إلى 18 ماي الحالي.
يذكر أن إسرائيل سبق لها أن قصفت عام 1985 مدينة حمام الشط جنوب العاصمة تونس، حيث كان يوجد مقر منظمة التحرير الفلسطينية، مما أسفر عن مقتل 68 شخصا بين تونسيين وفلسطينيين، وما اعتبره الزعيم بورقيبة وقتها انتهاكا للسيادة التونسية.
وحسب تقارير وثائقية تبادلت تونس وتل أبيب مكتبين لرعاية المصالح عام 1996، قبل أن يتم غلقهما في أكتوبر الأول عام 2000 على إثر قمع إسرائيل الانتفاضة الفلسطينية. ويدخل إسرائيليون إلى تونس بعد الحصول على “رخصة عبور”.
وترتبط تونس بعلاقات وثيقة مع الفلسطينيين، وكانت مقرا بين 1982 و1994 لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وللرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا أن هذه العلاقة اصبحت على المحك بعد اتخاذ أول قرار بعد الثورة يسمح للإسرائيليين ولأول مرة في تاريخ تونس، دخول تونس من دون اجراءات استثنائية.