تونس- افريكان مانجر
“لمزيد تحصين تونس، وإبعاد شبح تخفيض الترقيم السيادي وتفاديه فإنّه يتوجب على بلادنا ابرام اتفاق جديد ووضع برنامج اقتصادي يتماشى ورؤية الحكومة مع صندوق النقد الدولي، بما سيجعلها بمنأى عن صدمات مالية جديدة ويُطمئن بقية الدائنين”، بحسب إفادة وزير المالية الأسبق سليم بسباس.
إصلاحات اقتصادية رهينة الاستقرار السياسي
وقال بسباس في تصريح لـ “افريكان مانجر” الثلاثاء 2 مارس 2021، إنّه دون الاتفاق مع صندوق النقد فإنّ تونس ستجد صعوبات في النفاذ للسوق المالية العالمية بكلفة معقولة.
وكانت وكالة الترقيم “موديز”، قد خفضت الأسبوع الماضي، ترقيم اصدار العملة الاجنبية والعملة المحلية لتونس من ب2 الى ب3 مع الإبقاء على افاق سلبية، ويحيل هذا التخفيض وفق معايير الوكالة على ان المرحلة القادمة قد تتسم بمزيد تخفيض الترقيم السيادي لتونس الى – ج أأ1- اي ان البلد قد يصبح مصنفا في موقع عالي المخاطر بمعنى عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
وشدّد محدثنا على ان تجاوز تونس للأزمة الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة التي تعيش على وقعها، تشترط بدرجة أولى إيجاد حلول للأزمة السياسية الراهنة، مؤكدا أنّه “لا يمكن ان تكتمل الإصلاحات الاقتصادية دون استقرار سياسي وإيجاد دولة متناغمة السلطات”، وفق تعبيره.
وأفاد بسباس ان تواصل ازمة التحوير الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ جانفي الماضي “يحول دون تفعيل الإصلاحات الضرورية”، متابعا هذا السياق، ان الحكومة مطالبة أيضا بإيجاد صيغ للتوافق مع المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ومنظمة الفلاحين حتى لا تخلّ بإلتزاماتها مجددا مع صندوق النقد الدولي.
ويحث صندوق النقد الدولي تونس على خفض كتلة الأجور والحد من دعم الطاقة لتقليص العجز المالي.
كتلة الأجور ومنظومة الدعم أولا
ويُؤكد الوزير الأسبق على ضرورة التوافق لانجاز الإصلاحات التي وقع تاجيلها والمتعلقة بإعادة التوازن للمالية العمومية وتقليص من كتلة الأجور واستكمال اصلاح منظومة الدعم وخاصة المحروقات وتوجيه الدعم لمستحقيه من خلال إيجاد منظومة تقنية ناجعة تستهدف الفئات الضعيفة.
وعلى مستوى الموارد المالية، قال إنّه “لا بدّ من اصلاح النظام الجبائي حتى يكون اكثر عدالة والتصدي لظاهرة التهرب الضريبي وعدم اثقال كاهل أصحاب المهن الصغرى”، كما دعا للإسراع بتنفيذ برنامج اصلاح المؤسسات العمومية وإعادة التوازن للصناديق الاجتماعية التي باتت اليوم غير قادة على الإيفاء بتعهداتها تجاه منظوريها.
ضائقة اقتصادية غير مسبوقة
وبالعودة الى بعض المؤشرات، فان تونس شهدت في سنة 2020 ضائقة اقتصادية غير مسبوقة مع عجز مالي قدره 11,5% من الناتج المحلي الإجمالي وانكماش اقتصادي بلغ 8,8 بالمائة.
وتتوقع ميزانية تونس 2021 أن يصل الاقتراض إلى 7,2 مليار دولار بما في ذلك حوالي 5 مليارات دولار في شكل قروض خارجية. ويقدر سداد الديون المستحقة هذا العام عند 16 مليار دينار ارتفاعا من 11 مليار دينار في 2020.
ويقول صندوق النقد الدولي إن فاتورة الأجور في القطاع العام تبلغ حوالي 17,6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أعلى المعدلات في العالم.
ولم تتمكن تونس على مدى العشرية الماضية من التحكم في كتلة الأجور التي بلغت اليوم اكثر من 20 مليار دينار، وهي بذلك قد تضاعفت 3 مرات مقارنة بسنة 2010 حيث لم تكن لتتجاوز 6 مليار دينار.
وتواجه بلادنا خلال السنة الجارية ، معضلة جديدة في توفير أجور آلاف الموظفين ، وذلك بعد تسجيل زيادة بـ 217 مليون دينار.
ويُنتظر ان يتوجه وزير الاقتصاد خلال شهر افريل القادم إلى واشنطن للنقاش مع صندوق النقد الدولي.
ويقول الوزير ان صندوق النقد لا يغطي كامل حاجيات الدول لكنه يعطي اطمئنانا لبقية المانحين