تونس-افريكان مانجر
قالت المديرة العامة للنظافة بوزارة الشؤون المحلية والبيئة سميرة العبيدي،إن نسبة الإزعاج من البعوض بنوعيه “الناموس و الوشواشة ” مرتفعة جدا هذه السّنة مقارنة بسابقاتها ، مؤكدة رصد أكثر من 2 مليون دينار للمقاومة و المداواة الجوية لهذه الحشرة .
و أشارت العبيدي في حوار خاص “لافريكان مانجر” ، إلى وجود عدة متدخلين في عملية المداواة على غرار وزارتي البيئة و التجهيز و الديوان الوطني للتطهير بالإضافة إلى البلديات و المواطن.
و بحسب المصدر ذاته فان مجال عمل وزارة البيئة الممثلة في إدارتها يشمل التدخلات الجوية بالمناطق البعيدة عن الأحياء السكنية على غرار السباخ(سبخة السيجومي ، سبخة أريانة ، سبخة سليمان ، سبخة المتبسطة ..) و كذلك المناطق الريفية الشاسعة و الغابات والأودية…
و حول أسباب انتشار الناموس ، قالت العبيدي بان تداخل الاختصاص في مجال مقاومة هذه الحشرة يعتبر من اهم الأسباب التي ساهمت “و لو بجزء بسيط في عدم القيام بالتدخلات العضوية اللازمة و هي الجهر و التنظيف و شفط المياه” ، مشيرة كذلك إلى أن بعض السلوكيات الخاطئة من قبل المواطن تتسبب في انتشاره على غرار القاء الفضلات في الأودية أو عدم تنظيف برك المياه الموجودة بجانب مسكنه أو عمارته .
سبخة السيجومي
كما كشفت ذات المتحدثة بان الوزارة أصبحت اليوم عاجزة عن القيام بالتدخل الكيميائي اللازم لمداواة سبخة السيجومي و ذلك بسبب ارتفاع معدل المياه بها و التقلبات الجوية و الرياح هذه المدة .
و قالت بان معدل المياه بالسبخة كان بتاريخ 8 جوان في حدود 1.20 متر و قد تم بصفة استثنائية التدخل بالتعاون مع ديوان الوطني للتطهير للخفض من مستوى الماء ليصل إلى حدود 95 سنتيمتر، مؤكدة بأنه في حال نزول مستوى الماء خلال هذا الأسبوع إلى حدود 60 سنتيمتر سيتم التدخل الجوي الآني مما سيساهم في تحقيق راحة و انخفاض في انتشار الناموس خلال شهري جويلية و أوت لمتساكني هذه المنطقة .
خطة بديلة
و قد عمدت الوزارة بحسب سميرة العبيدي ، إلى اعتماد خطة بديلة إلى حين التمكن من المداواة الجوية حيث تم ضخ بعض الأدوية في محيط السباخ فقط وذلك حماية للكائنات الحية الأخرى المتواجدة فيها .
و أشارت إلى أن هذا التدخل أعطى نتائج ايجابية لمدة 10 أيام فقط ليعود نسق الإزعاج القديم وذلك بسبب الارتفاع الهائل في درجات الحرارة هذه المدة ومع نزول لبعض الأمطار من ناحية أخرى.
و اعتبرت ان الإشكاليات المذكورة تم رصدها خلال فترة المداواة “المثالية ” في افريل و ماي الماضيين ، و التي حالت دون القيام بالتدخلات الجوية الضرورية المعتادة حيث أن تلك الفترة شهدت عديد التقلبات الجوية من “حرارة و برد و أمطار ” .
و قد تم إعادة التدخل بتاريخ 17 ماي 2021 ببعض المناطق لكنها لم تكن بالنجاعة المطلوبة بسبب نفس الأسباب المذكورة سابقا .
الأسباب متعددة
و ذكرت المسؤولة بوزارة البيئة ، بان تعليق إضراب المهندسين ،و الذي اثر كثيرا على نسق مداواة الناموس، سيساهم في عودة التدخلات بصفة فعالة و سريعة ، مقرة بان المداواة البرية رغم أهميتها إلا أن نجاعتها لا تتجاوز 30 بالمائة.
وواصلت العبيدي مفسرة :”إن مجهودات الوزارة تتطلب تعاضد تدخلات البلديات باعتبار معرفتها بالمناطق السكنية” ، مشيرة إلى أن تجاوب هذه الأخيرة يبقى دون مستوى المطلوب باعتبار أن جلها لا تملك فرق مختصة في المداواة البرية باستثناء البعض منهم على غرار بلدية تونس و الكرم و أريانة “.
و ذكرت بان “عون النظافة ” عادة ما يقوم هو بمهمة المداواة بدون معرفة أو تكوين مسبق في هذا المجال مما يتسبب في عدم نجاعة التدخل مبينة ان التدخلات لا تكون بصفة اعتباطية حيث أن العون مطالب بتحديد “بؤرة الناموس و أسبابها و عددها ” لمعرفة نوع الدواء.
و تحدثت ذات المصدر على استنزاف للموارد المالية للبلديات قائلة :”ليست كل البلديات تقوم بوضع ميزانية محددة لمقاومة الحشرات “.
ورغم كل هذه الإشكاليات كشفت مديرة النظافة ،عن وضع خطة وطنية لمقاومة الحشرات من طرف لجنة موجودة بوزارة البيئة تضم عدة أطراف على غرار وزارة التجهيز ووزارة الصحة ووزارة الفلاحة والبلديات و الولايات و جمعية حماية الطيور .
وأوضحت ان اللجنة شهدت مشاركة جديدة لمعهد “باستور” وذلك للتثبت من “خطورة و نوعية ” الناموس الموجود في تونس.
و ترى مصدرنا بان اختلال بعض المحاور في الخطة و عدم تنفيذ جزء منها قد تسبب في الانتشار الكبير للبعوض ، مشيرة إلى أن إضراب المهندسين ساهم في تعقيد المشكل باعتبار ان العمليات الاستباقية على غرار الشفط و الجهر من مهام المهندسين ، كذلك صيانة الطائرات المخصصة للمداواة و تفقدها .
و اعتبرت أن غلق حضائر البناء بصفة فجيئة خلال الحجر الصحي العام في شهر رمضان و غلق النزل و انعدام الصيانة الدورية للمسابح بها تسبب في انتشار للناموس .
خارطة مناعة المبيدات
و أقرت العبيدي بوجود ما يعرف “بخارطة مناعة المبيدات” خاصة بالناموس في تونس حيث أن هذه الحشرة قد اكتسبت مناعة من بعض الأدوية لتصبح تدخلات المداواة غير ناجعة من منطقة إلى أخرى ، موضحة بان الأدوية التي يتم استعمالها مثلا في المنستير و سوسة ليست نفسها المستعملة في ولاية تونس على سبيل الذكر .
و قالت بان “الناموس سيبقى يعيش معنا باعتبارنا لا نستطيع القضاء عليه بصفة تامة حيث انه كائن حي على غرار بقية الكائنات الأخرى”.
حلول صديقة للبيئة
و تحدثت المديرة عن رؤيتهم لإستراتجية أخرى “صديقة للبيئة ” و بدون استعمال للمبيدات الكيميائية الممنوعة في الاتحاد الأوروبي في مجال مقاومة البعوض .
و أوضحت تمشيهم في اعتمادهم تجارب الدول الأوروبية في مجال مقاومة الحشرات و الناموس تحديدا بالطرق الطبيعية السليمة و ذلك على غرار اعتمادهم “فوانيس خاصة”تحتوي مادة تشبه رائحة الإنسان و تجذب “الإناث ” من الناموس و بنسبة تغطية تصل إلى 1 هكتار حيث يتم وضعها في المناطق الخضراء الشاسعة او في الحدائق العمومية أو المستشفيات .
و قالت بان الوزارة تعمل على جلب هذا النوع من الفوانيس في إطار التعاون التونسي –الفرنسي ليكون “مشروعا نموذجيا ” يتم الانطلاق به لتقييم مدى نجاح هذه التجربة .
بالإضافة إلى هذا الحل البيولوجي تحدثت العبيدي عن توصياتهم المتكررة باستعمال سمكة البعوض والتي تعرف أيضاً باسم سمكة “الجامبوزيا” في السباخ والاودية التونسية لنجاعتها و سلامتها على المحيط باعتبار أنها تتغذى على يرقات البعوض.
و شددت المديرة في ذات الإطار على أن هذا النوع من السمك رغم نجاعته إلا انه لا يمكنه العيش في البحيرات و السباخ التونسية باعتبار أن جلها تحتوي على مياه الصرف الصحي مذكرة بمشاكل هذا القطاع في تونس و تأثيراتها السلبية على النظافة و انتشار الحشرات في كامل مناطق الجمهورية .