تونس-افريكان مانجر
تعمل وزارة التربية على إصلاح المنظومة التربوية بما يتماشى مع المتغيرات الراهنة التي يعيشها القطاع عبر مراجعة عديد المحاور التي تُعد ركيزة أساسية للتغيير و التي أهمها مراجعة البرامج الدراسية و الزمن المدرسي و تغيير محتوى الكتب المدرسية حتى تصبح مواكبة لمدرسة المستقبل، بحسب تأكيد المديرة العامة للمرحلة الابتدائية بوزارة التربية نادية العياري.
محاور الاصلاح
واستنادا لما أكدته المديرة العامة للمرحلة الابتدائية نادية العياري، في حوار مُطول مع افريكان مانجر، فان وزارة التربية تشتغل يالشراكة مع مختلف الهياكل المتدخلة و الشريك الاجتماعي والمجتمع المدني على مراجعة البرامج الدراسية و تحديثها و إعادة النظر في كل ماله علاقة بالحياة المدرسية سواء من الناحية البيداغوجية او التعليمية و التربوية.
وأكدت محدثتنا، أن التوجه نحو إصلاح و مراجعة المنظومة التربوية يتضمن عديد المحاور التي تبدأ بالبرنامج المدرسي في مختلف المراحل الابتدائية و الإعدادية و الثانوية، بالإضافة إلى أهمية مراجعة الزمن المدرسي الذي أصبح يُشكل عائقا أمام التلاميذ في ممارسة الأنشطة الثقافية و الرياضية.
وبحسب المديرة العامة للمرحلة الابتدائية، فقد تم الجلوس مع الشريك الاجتماعي للنظر في آليات تغيير هذه البرامج التي لم تتغير منذ أكثر من 20 سنة.
كما تتضمن عملية إصلاح المنظومة التربوية معالجة كل الملفات انطلاقا من البرامج والزمن المدرسي و صولا إلى آليات الانتداب و البنية التحتية للمدارس و المعاهد الإعدادية و الثانوية.
الزمن المدرسي
واعتبرت العياري، أن التلاميذ في تونس تنقصهم الأنشطة الثقافية و الرياضية و الفنية لصقل مواهبهم وتنمية قدراتهم، وهو ما يتطلب خلق فضاء زمني يمكنهم من ممارسة الأنشطة بالتزامن مع الدراسة.
ولفتت إلى أن إصلاح القطاع، يستوجب كذلك تغيير محتوى الكتاب المدرسي حتى يصبح مواكبا لمتطلبات مدرسة المستقبل فضلا عن تهيئة البنية التحتية للمدارس و المعاهد الإعدادية و الثانوية بما يسمح بتوفير الفضاءات و القاعات متعددة الاختصاصات.
وشددت على أن المدرسة العمومية يجب أن تصبح مواكبة للتطورات و التغييرات التي يعيشها المجتمع التونسي باعتبارها فضاء ليس مخصص للتعلم فقط بل كذلك فضاء لبناء علاقات و خوض التجارب.
نوادي
وحتى تُصبح المدرسة قادرة على مواكبة التغييرات المجتمعية يجب ان تتوفر فيها كل عمليات المرافقة النفسية و الاجتماعية و التربوية.
و في هذا الإطار تعمل الوزارة، على إحداث نوادي مدرسية جديدة، حيث يوجد حاليا 6000 نادي مدرسي في المرحلة الابتدائية مقابل 4590 مدرسة و تنقسم هذه النوادي إلى اثنين نوادي مرتبطة بالتعلمات على غرار الموسيقى و الفنون التشكيلية و غيرها و نوادي أخرى تتعلق بالتنشئة الاجتماعية التي تُعد رافدا من روافد التعلمات.
وينشط في هذه النوادي ما بين 110 الاف و 120 ألف تلميذ أي حوالي 10% من التلاميذ و هو ما يؤكد وجود صعوبات في المدرسة العمومية جزء منها يتعلق بالفضاء المدرسي و التجهيزات و الزمن المدرسي.
ظاهرة العنف
وفي تعليق عن تنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي التي دخلت منعرجا خطيرا خاصة بعد الحادثة التي شهدها المعهد الثانوي ابن رشيق بالزهراء و اعتداء تلميذ بالعنف الشديد على أستاذ، أكدت ان الوزارة تعمل على التسريع في عملية الإصلاح التربوي و اتخاذ إجراءات فعلية للحد من هذه الظاهرة في الوسط المدرسي، مشيرة إلى أن المدرسة اصبحت تتعرض بشكل مستمر للاعتداءات.
وأشارت إلى أن الوزارة أرسلت مذكرات لجميع المؤسسات التربوية الابتدائية والإعدادية والثانوية لتنظيم حصص توعوية للتحسيس بخطورة العنف داخل المؤسسات التربوية .
واعتبرت أن مناهضة العنف ليست مسؤولية وزارة التربية فقط بل هي مسؤولية مشتركة وجب على جميع الأطراف الانخراط فيها وبذل مزيد من الجهود لمناهضتها.
مضاعفة و تعميم مراكز الاصغاء
وفي سياق متصل، لفتت محدثتنا الى وجود 674 مكتب إصغاء و تتجه الإدارة العامة نحو مضاعفة و تعميم هذه المراكز تحت إشراف مديري المدارس العمومية و تشتغل في إطار عمل شبكي يتدخل فيه الطب المدرسي ووزارة الشؤون الاجتماعية من خلال الوحدات المحلية للعمل الاجتماعي و المجتمع المدني و يعمل على رصد الحالات التي تستوجب التعهد و المراقبة و ضمان نجاح التلميذ في مختلف مراحل التعلم.
وقد تم إصدار مذكرة في الغرض للمندوبيات الجهوية لتركيز مراكز و خلايا الإنصات في مختلف المدارس.
مسح ميداني
وبخصوص تصنيف تونس في المرتية 134 في مؤشر جودة التعليم، افادت العياري ان الوزارة تعمل على إعداد مسح ميداني بالشراكة مع اليونيسيف و المعهد الوطني للإحصاء و بمشاركة خبراء التربية لتقييم مكتسبات التلميذ في المرحلة الابتدائية باعتماد آليات التقييم المتمثلة في اختبارات في المواد الأساسية الرياضيات و العربية و الفرنسية، بالإضافة إلى وضع استبيان للأولياء و المدرسين و المديريين و المتفقدين و المساعدين البيداغوجيين.
وبينت ان عملية التقييم ستكون حسب المراحل أي نهاية الدرجة الأولى و نهاية الدرجة الثانية و الثالثة و قريبا سيتم تمرير هذا المسح الميداني.
الانقطاع المدرسي
وفي معرض حديثها عن الانقطاع المدرسي في صفوف التلاميذ، أكدت المديرة العامة للمرحلة الابتدائية، ان نسبة الانقطاع تراجعت من 1% الى 0.6% ، مشددة على ان المنظومة التربوية في تونس قادرة على احتواء و استيعاب كل الأطفال المنقطعين عن الدراسة و تأهيلهم و إعادة ادمجاهم في منظومة التكوين و التدريب المهني و مدرسة الفرصة الثانية.
وأشارت إلى أن الأطفال الذين لا يتم ادمجاهم و إلحاقهم بمراكز التكوين عددهم لا يتجاوز الـ35 ألف.
الدروس الخصوصية
كما تحدثت المديرة العامة للمرحلة الابتدائية بوزارة التربية، عن الدروس الخصوصية في المدارس العمومية و بينت انه تم سنة 2015 إصدار منشور لمقاومة الدروس الخصوصية خارج المؤسسة التعليمية، وقد حدد هذا المنشور المساحات الزمنية و التوقيت و التسعيرة و عدد التلاميذ في الفوج الواحد بمبلغ جملي لا يتجاوز 40 دينار حتى و إن أراد التلميذ أن يدرس أكثر من 8 ساعات في الشهر، وهو ما اعتبرته نقطة قوة للمدرسة العمومية.
وأفادت انه حاليا يتم إعداد مشروع جديد لتنظيم و تعديل و إتمام منشور 2015 المنظم للدروس الخصوصية بشكل يكون في مصلحة التلميذ و لمقاومة الأماكن العشوائية، وسيشمل المنشور المرحلة الابتدائية و الإعدادية و الثانوية .
جائحة كوفيد-19
كما أقرت محدثتنا ان جائحة كوفيد-19، كان لها اثر سلبي على الأطفال من حيث التحصيل العلمي و المعرفي للأطفال إلا أن تونس خرجت بأخف الأضرار من الأزمة و لعل خير دليل على ذلك الامتحانات الوطنية، وفق تقديرها.
وأشارت الى أن دراسة بصدد إعدادها سيتم نشرها قريبا، بينت ان الجائحة تسبب في قلق نفسي و اضطراب لدى العائلات إلا انها مكنت التلاميذ من وقت إضافي للمراجعة.
وخلصت مديرة المرحلة الابتدائية بوزارة التربية، نادية العياري، إلى ان وزارة التربية، وزارة في حجم بلاد بالنظر لمهامها التربوية و التعليمية، إلا أن المسؤولية تبقى مشتركة مع عديد الأطراف، داعية كل الهياكل المتدخلة إلى إنقاذ القطاع التربوي و السعي الى تطوير المدرسة العمومية.