تونس-افريكان مانجر
طلب مسؤولون ليبيون من وزير الخارجية الطيب البكوش وقف ما وصفوه بـ«تصدير الشباب التونسي المتطرف إلى ليبيا»، معتبرين أن هذا القرار يمثل جزءا من حل الأزمة الليبية وذلك وخلال مؤتمر الحوار، الذي جمع ممثلي البلديات والجماعات المحلية الليبية، أول أمس وأمس السبت، بتونس العاصمة،.
وشارك في هذا المؤتمر الطيب البكوش صحبة برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وتركزت جلسات الحوار حول تقريب وجهات النظر بين ممثلي البلديات والجماعات المحلية الليبية، وفتح قنوات الحوار بينهم. واغتنم البكوش فرصة وجود المبعوث الأممي بتونس ليطلب مساعدته في الكشف عن مصير الصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، المختطفين في ليبيا منذ بداية شهر سبتمبر الماضي. وقال البكوش إن منصب ليون واتصالاته المباشرة مع كل الأطراف الليبية قد يمكن من الكشف عن حقيقة وضعهم الإنساني، وإن كانوا على قيد الحياة أو أمواتا.
وفي رده على الطلب الليبي بوقف التحاق الشباب التونسي بالمجموعات الإرهابية في ليبيا، قدم الوزير التونسي قراءة مستفيضة حول ظاهرة الإرهاب المتفشية في بلاده، وشخص الأسباب التي تدفع الشباب التونسي إلى الالتحاق بالمجموعات المتطرفة، موضحا في هذا الصدد أن الشبان الموجودين حاليا في ليبيا ينتمون إلى مجموعات متشددة تشكلت بعد الثورة، وأن أغلبهم ينتمي إلى المناطق الحدودية التي كانت مهمشة بسبب الفقر والبطالة.
وأكد البكوش أن جل الملتحقين بالمجموعات المتشددة خضعوا لغسيل دماغ، واستسلموا لإغراء المال، ثم اضطروا إلى المكوث في ليبيا وسط صفوف المجموعات المتشددة بسبب صدور أحكام قضائية ضدهم أو لاتهامهم بالإرهاب، فيما التحق البعض الآخر بجبهات القتال في سوريا، وعاد البعض الآخر إلى تونس ليشارك صحبة جزائريين ومغاربة في عمليات إرهابية، على غرار الهجوم المسلح على متحف باردو، الذي وقع في 18 من مارس الماضي.
وتابع البكوش أن الإرهاب لم يكن له موطئ قدم في تونس، وهو من الظواهر الوافدة من الخارج، بعد أن جرى تمويل وتسليح المجموعات المتطرفة بطريقة سريعة، معتبرًا أن المجرمين الحقيقيين هم أولئك الذين يقومون بتجنيدهم ودفعهم إلى ساحات القتال، وليس الشبان المغرر بهم.
وبخصوص طرق مكافحة الإرهاب والحد من تأثيراته، دعا البكوش إلى تجفيف منابعه وإحداث تعاون إقليمي ودولي لتفكيك كل الكيانات المتشددة التي تنشط في ليبيا وتونس، وبقية بلدان المغرب العربي، وقال بهذا الخصوص إنه «يجب قطع التمويل عن المجموعات الإرهابية»، كخطوة أولى وحاسمة، وأقر بأنه لن تستطيع أي دولة وحدها استئصال الظاهرة بشكل منفرد.
وتعهد البكوش أمام المسؤولين الليبيين بمتابعة إعادة تسيير رحلات الخطوط الجوية التونسية بين تونس وليبيا، بهدف تخفيف معاناة المرضى والجرحى الليبيين الراغبين في السفر إلى تونس، وبقية البلدان لتلقي العلاج. وقال في تشخيصه للوضع الأمني الحالي في ليبيا، إن «أمن تونس واستقرارها من أمن ليبيا واستقرارها»، وجدد التزام بلاده بعدم التدخل في شؤون ليبيا الداخلية، واحترام خياراتها وخصوصياتها بعيدا عن منطق الوصاية، وحرصها على تشجيع كل الأطراف الليبية ومساعدتهم في التوصل إلى حل سياسي توافقي للأزمة، مؤكدا في الوقت ذاته موقف تونس الرافض للتدخل العسكري في ليبيا، لأن «التدخل المسلح لا يجلب معه إلا الكوارث والخراب والمزيد من الفوضى».
وأكد البكوش استعداد بلاده لوضع خلاصة تجربتها في مجال الانتقال الديمقراطي بيد الأشقاء الليبيين للاستئناس بها، وجدد دعم تونس لرعاية الأمم المتحدة للجهود الرامية إلى تحقيق توافق حول حل الأزمة الليبية بالحوار وعبر الطرق السلمية، مؤكدا أن الجماعات المحلية الليبية تتحمل مسؤولية تاريخية في المساهمة بتسوية الأزمة الليبية من خلال مؤتمر الحوار الذي تحتضنه تونس