تونس – افريكان مانجر
اعتبر وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي حسين الديماسي في تصريح لـ “افريكان مانجر” اليوم الثلاثاء 17 مارس 2015 أنّ رئيس الحكومة الحبيب الصيد ارتكب خطأ فادحا عندما أعلن في كلمته أمس تفعيل الاتفاقيّات المبرمة مع الاتّحاد العام التونسي للشغل في إطار تواصل الدولة والإيفاء بالتزاماتها والشروع في المفاوضات بخصوص الزيادات في أجور العاملين في القطاع العام بالنسبة لسنة 2014 والاستعداد لمفاوضات اجتماعيّة تشمل سنتين أو 3 سنوات.
وأضاف المصدر ذاته أنّ اتخاذ مثل هذا الاجراء سيُعمق من الازمة الاقتصادية في تونس وسيساهم في ارتفاع نسبة التضخم، مُؤكدا أنّ خطوته تعني الهروب من المسؤولية حسب قوله.
“قطاعات منكوبة”
ويأتي هذا التعليق على خلفية ما جاء في كلمة الصيد، حيث أعلن أنّ خطّة الإنقاذ الوطنيّة التي ستضعها الحكومة تتركّز أساسا على دراسة الوضع الحالي واتّخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح الوضع وضبط رؤية مستقبليّة للخمس السنوات القادمة، مُؤكدا أنّ تعزيز السلم الاجتماعي وتوفير المناخ الملائم للعمل والإنتاج هو أحد أبرز الإجراءات.
وأوضح الديماسي أنّ الحبيب الصيد لم يأت بالجديد عندما تحدث عن هشاشة الوضع الاقتصادي وصعوبة المرحلة المقبلة، قائلا إنّ الإمكانيات المادية للدولة التونسية لا تسمح بالزيادة في أجور الموظفين.
ولاحظ مُحدّثنا أنّ خطة الإنقاذ الوطنية التي قدّمها رئيس الحكومة كان يجب ان تقوم في درجة أولى على انقاذ “القطاعات المنكوبة”، والمتمثلة أساسا في قطاعات المناجم ومشتقاته والسياحة والمحروقات والملابس والاحذية.
وفي سياق متصل، قال حسين الديماسي إن الزيادة في الأجور لن يحسن من القدرة الشرائية للموظفين في مناخ غير جيد خاصة من الناحية الإقتصادية حسب تعبيره مشيرا إلى أن هذه الزيادة ستؤدي إلى إرتفاع نسبة التضخم ( إرتفاع الأسعار ) و إنهيار الدينار التونسي حسب قوله .
وفي جانب اخر أكد خبير اقتصادي ل”افريكان مانجر”، أنّ كلمة الحبيب الصيد وتعهدات حكومته غير منطقية ومقبولة ولا سيما عندما تطرق الى إمكانية تحقيق نسبة نمو تتجاوز ال 7 بالمائة. وأضاف المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته أنّ تونس امام رهان كبير لتحقيق نسبة نمو تصل الى 5 بالمائة قائلا انه من غير المستحيل بلوغ النسبة التي أعلنتها رئاسة الحكومة.
مُقدّمة لاتخاذ إجراءات قاسية
وفي قراءة لكلمة الحبيب الصيد، اعتبر النائب عمار عمروسية في تصريح لحقائق أون لاين أنّ إعلان الزيادة في الأجور بمثابة المقدمة لاتخاذ اجراءات قاسية و لا شعبية ضدّ الفئات الضعيفة والمتوسطة و تخصّ صندوق الدعم والصناديق الاجتماعية وغيرها.
وشدّد القيادي في الجبهة الشعبية على أنّ هذه الكلمة جاءت متأخرة، مضيفا أنّ حكومة الصيد بهذا التمشي هي بصدد المحافظة على نفس السلوك القديم لحكومات بن علي والترويكا.
وحذّر النائب من بوادر أزمة اجتماعية قد تفضي إلى هبّة شعبية مناهضة لسياسة الحكومة منتقدا تفشي الفساد وتراجع مؤشرات مكافحة هذه الآفة في الترتيب العالمي.
وختم حديثه بالقول إنّ ما يحصل حاليا هو تنظيم وتقنين لنهب الشعب التونسي داعيا الحكومة إلى مقاومة الفساد والمفسدين عوض غضّ البصر عنهم.
وضع اقتصادي صعب…وواقع اجتماعي هشّ
وكان الحبيب الصيد، قد أوضح أيضا أنه سيتم ضبط خطة أمنيّة جديدة في المجال الأمني ترتكز على مزيد التنسيق والتعاون بين الجيش وقوات الأمن الدّاخلي وعلى مساندة ودعم المواطنين. كما اعتبر أنّ الوضع الأمني مازال هشا، مؤكدا تواصل خطر الإرهاب وهو ما تجسّده العمليّة الإرهابيّة التي وقعت في منطقة بولعابة من ولاية القصرين، كما اعتبر الوضع الاقتصادي سنة 2015 صعبا بحسب مؤشرات منها تراجع الاستثمار وتفاقم عجز الصناديق الاجتماعية وبقاء مستوى التضخم عاليا وتعطل آلة الإنتاج خاصة في قطاعي الفسفاط والنفط .
كما تحدث رئيس الحكومة عن تعطّل إنجاز المشاريع الكبرى خاصّة الطرقات السيّارة على غرار طريق وادي الزرقاء – بوسالم وطريق صفاقس – الصخيرة وطريق قابس – مدنين وطريق مدنين – راس جدير إضافة إلى تعطّل مشروع غاز الجنوب وتعطّل مشروع الماء الصّالح للشراب بجندوبة.
وحول الوضع الاجتماعي، أشار الحبيب الصّيد إلى أنّ نسبة البطالة مازالت مرتفعة خاصّة بالنسبة إلى حاملي الشهائد العليا، والتي بلغت أكثر من 31%، مرجعا ذلك إلى الوضعيّة الهشّة لعمّال الحضائر وآليّات التشغيل الأخرى وعدم تفعيل 17 اتفاقيّة تهمّ الزيادة في الأجور في القطاع العام قيمتها الجمليّة أكثر من 200 م.د وتعطّل ملف الزيادات في الأجور للقطاع العام بالنسبة لسنة 2014 إضافة إلى غياب خطّة ومنوال تنمية واضح والاكتفاء بإجراءات حينيّة تخصّ ميزانيّة الدولة.
توقعات بتحقيق نسبة نموّ تفوق 7 بالمائة
وأكد الحبيب الصّيد أيضا أنّ الحكومة وضعت منهجيّة لإعداد منوال تنمية جديد يرتكز أساسا على القطاعات ذات القيمة المضافة والقادرة على استيعاب حاملي الشهادات العليا من أجل بلوغ نسبة نموّ تفوق 7% من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة واعدة على غرار الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر والاقتصاد التضامني.
وأكّد الصيد في هذا السّياق أنّ المخطط الخماسي القادم (2016-2021) سيأخذ بعين الاعتبار هذه القطاعات، إضافة إلى برامج تنمويّة تنطلق من حاجيّات الجهات، موضحا أنّ الوضع الاقتصادي يتطلّب إصلاحات كبرى تشمل عديد القطاعات كالتربية والصحّة ومنظومة الدّعم والصناديق الاجتماعيّة إضافة إلى برمجة مشاريع مهيكلة على مستوى وطني.