تونس-افريكان مانجر
يواصل الدينار التّونسي طيلة هذه الفترة انزلاقه أمام” الدولار” و “الأورو” وهو ما يثير مخاوف كبيرة حول عدم قدرته على الصمود والاستقرار ويجعل الوضع الإقتصادي التّونسي أكثر ضبابيّة وأكثر هشاشة.
وفي هذا الإطار، أكّد وجدي بن رجب الخبير الإقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ سعر الدّينار في تراجع مستمرّ منذ بعض السّنوات وقد شهد الفترة الأخيرة انزلاقا حادّا نتيجة عدّة عوامل أوّلها عجز الميزان التّجاري بإرتفاع حجم الواردات مقابل تراجع الصّادرات.
التّوريد العشوائي
وأوضح مصدرنا أنّ التّوريد العشوائي من أبرز العوامل المتسبّبة في عجز الميزان التّجاري، حيث يتمّ توريد منتوجات بالعملة الصّعبة ليست ضروريّة وتثقل فقط كاهل الدّولة، كما أنّ بلادنا حاليّا بصدد توريد الغاز من الجزائر لتغطية النّقص الحاصل بسبب تعطيل إنتاج شركة بيتروفاك، هذا علاوة على أنّ التّصدير في تراجع مستمرّ بسبب تراجع تصدير الفسفاط بشكل شبه كلّي.
من جهة أخرى، بيّن نفس المصدر أنّ قطاع السّياحة الذي يوفّر العملة الصّعبة يعاني من أزمة حادّة وحتّى الحجوزات التي تمّ تسجيلها في شهري فيفري ومارس، جزء كبير منها تمّ سحبه خاصّة على مستوى روسيا بعد تحذيرها مواطنيها من زيارة تونس، مضيفا أنّ السّياحة الدّاخليّة التّي أصبحت تمثّل 30 بالمائة من المداخيل مقابل 5 بالمائة سنة 2011 لا يمكن التّعويل عليها، حيث لا توفّر العملة الصّعبة.
أمّا العامل الثّالث، فقد حصره وجدي بن رجب في تراجع الاستثمار الخارجي بسبب عامل الإرهاب وارتفاع نسب الإحتجاجات والإضرابات وتفشّي ظاهرة الرّشوة.
و أوضح أنّ العامل الرّابع المتسبّب في تراجع صرف الدّينار يتمثّل في عمد الشّركات الأجنبيّة المقيمة في تونس تحويل أموالهم بالعملة الصّعبة قبل تحويلها إلى الشّركة الأمّ وفي ذلك تأثير سلبي على سعر صرف الدّينار. وفي سياق متّصل، أشار محدّثنا إلى أنّ عمليّة تسديد القروض تكون بالعملة الصّعبة والفارق في الصّرف يكلّف الدّولة أموالا إضافيّة من العملة الصّعبة تجعل من الدّيون أكثر كلفة.
انكماش اقتصادي
وحول نفس الموضوع، أكّد الخبير الإقتصادي أنّ تونس في فترة انكماش إقتصادي، حيث لا تتجاوز ساعات العمل بالوظيفة العموميّة الـ 06 ساعات والدّراسات تؤكّد أنّ التّونسي في القطاع العام يكاد لا يعمل، الشّيء الذي من شأنه أن يعطّل القطاع الخاصّ ويقلّص من الإنتاجيّة ويقضي على التّنافسيّة.
من جهة أخرى، قال بن رجب إنّ من أسباب تراجع سعر صرف الدّينار توجيهات صندوق النّقد الدّولي بعدم تدخّل البنك المركزي لتعديل العملة في الأسواق، هذا علاوة على أنّ الإحتياطي من العملة الصّعبة بلغ الحدّ الرّمزي (في حدود 100 يوم فقط).
وعن الحلول تحدّث نفس المصدر عن ضرورة العمل على تحسين إنتاجيّة الشّركات التّونسيّة وخلق مجال التّنافسيّة ومراجعة سياسة التّوريد وترشيد التّوريد العشوائي والاكتفاء بتوريد الضّروريّات التي تدخل في الإنتاج، مشدّدا على ضرورة توفير عوامل الاستثمار بتحقيق السّلم الاجتماعي والأمان والقضاء على الرّشوة وتطوير النية التّحتيّة…، إلى جانب ضرورة استغلال القروض في الاستثمارات وخلق الثّروة لا في خلاص الأجور وتسديد الدّيون.
وأكد الخبير الإقتصادي في ختام حديثه أنّه لا توجد في الوقت الحالي مؤشّرات إيجابيّة تبيّن إمكانيّة ارتفاع سعر صرف الدّينار مقابل العملة الأجنبيّة.