تونس- افريكان مانجر
بعد الرسالة المسربة التي وجهها عضو هيئة الحقيقة والكرامة زهير مخلوف إلى رئيس مجلس الشعب وما تضمنته من اتهامات وشبهات بالفساد المالي والإداري لرئيستها سهام بن سدرين، وبعد توقيع عدد من نواب المجلس على عريضة لرفع قضية عدلية بهذه الأخيرة، وبعد إقالة زهير مخلوف أحد أعضاء الهيئة واستقالة البعض الآخر، خيّم هدوء غير مبرّر على الموضوع، خاصّة بعد التصريحات الزوبعة لزهير مخلوف وهو ما قد يمثل مؤشّرا لوجود تسويات في الكواليس على حساب العدالة الانتقالية على حدّ تعبير رشدي بوعزيز عضو المكتب التّنفيذي لمرصد شاهد في تصريح لـ “أفريكان مانجر”.
“تسويات تحت الطاولة”
وأبرز المصدر ذاته أنّ الجميع يعلم وأنّ غالبيّة المسؤولين التونسيين لا يؤمنون بمصارحة الشعب ويحبّذون التسويات تحت الطاولة، مضيفا أنّ أغلب الذين علّقوا على ما قاله مخلوف لم تخرج تعليقاتهم من باب “شخصنة” الأمور، فأصدقاء بن سدرين ناصروها وأعلنوا العداء لمخلوف، ونفس الشيء فعله مناصروا هذا الأخير فغابت التعليقات الموضوعيّة وحلت مكانها التحليلات الإنفعالية و”العاطفية” حسب قوله.
وأفاد رشدي بوعزيز أنّ هناك أمران مهمّان لا بدّ من تبيينهما وتوضيحهما للشعب ، أوّلهما كون اتهامات زهير مخلوف للهيئة كبيرة وخطيرة جدّا، سواء على مستوى نتائج العمل الذي قامت به منذ أكثر من عام أو على مستوى التصرّف المالي. ولإزالة كل لبس وشكّ حول هذين الأمرين فإنّ هيئة بن سدرين مطالبة بنشر التقرير الأدبي لعملها مع ذكر جميع الإحصائيات المتعلقة بعدد الملفات التي تمّ قبولها وعدد الجلسات التي عقدت للإستماع للضحايا الى جانب نشر التقرير المالي ويكون مصادقا عليه من قبل خبير محاسب مستقلّ. المساءلة ثم المحاسبة ثم المصالحة
في سياق متّصل، بيّن محدّثنا بخصوص النّقطة الثاّنية أنّ مسار العدالة الإنتقالية متكوّن من المساءلة ثم المحاسبة ثم المصالحة وهي مراحل طويلة ومعقّدة، ثمّ إنّ الهيئة على حدّ تعبيره ستستقبل أكثر من 12000 ملفّ وهو عدد كبير جدّا والتعاطي معه ليس بالأمر الهيّن.
وإزاء هذا المسار العويص وما يتربصه من مؤامرات وتعطيلات على حدّ تعبيره، فإنّ الهيئة مطالبة أكثر من أيّ وقت مضى بطمأنة الشعب وخاصة الضحايا وأهاليهم بانها سائرة نحو تحقيق أهدافها بالجودة المطلوبة وأيضا في الوقت الذي ضبطه القانون.
وبناء على ذلك طالب محدّثنا الهيئة بنشر روزنامة عملها للأربع سنوات المتبقيّة تبيّن فيها كم من شهر ستستغرقه كل مرحلة من المراحل الثلاثة المذكورة أعلاه (المساءلة والمحاسبة والمصالحة) ثمّ ضبط ونشر حاجياتها المالية والبشريّة اللازمة كمّا وكيفا، لاستيفاء أعمالها على أحسن ما يرام، مع تبيين كيفية وطريقة تمويل السنوات الأربع المتبقية.
دعوة عاجلة
من جهة أخرى، قال العضو التّفيذي لمرصد شاهد إنّه بقطع النظر على توقيت وطريقة ومحتوى تصريحات مخلوف فإنّه يرى تصريحات هذا الأخير دقّا لناقوس الخطر يستوجب بمقتضاه إعادة مسار العدالة الإنتقالية إلى السكّة حالاّ ودون تأخير، فعمل الهيئة كان بطيئا ومتعثّرا في ال15 شهر الماضية وطريقة تسييرها لا تستجيب لقواعد الحوكمة الرشيدة التي أتى بها الدستور والمرتكزة على ضبط استراتيجية عمل واضحة المراحل والأهداف حسب تعبيره.
وأشار مصدرنا إلى أنّ أعضاء الهيئة يقومون بعمل مهمّ وكبير جدّا وتاريخيّ، ولن ينجحوا إلاّ إذا ما أحاطوا أنفسهم بالكفاءات التسييرية والإستشاريّة اللازمة وصارحوا الشعب بكل المطبات التي يتعرضون لها وأشركوه في إنجاح المسار، لأنّ المتآمرين كثر ولن يغلبهم إلاّ الضغط الشعبي الواعي.