تونس- افريكان مانجر
شهد مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي ارتفاعا ملحوظا، وهو اليوم في حدود 5,5 % وفقا لما أكده مدير عام المعهد الوطني للإستهلاك طارق بن جازية.
وأكد بن جازية في حوار مع “افريكان مانجر” أنّ هذا الرقم يُعتبر مرتفعا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لم يكن ليتجاوز 3 بالمائة، ويعود هذا التطور إلى الإرتفاع المسجل في عدد هام من أسعار المواد الغذائية والخدمات.
انزلاق الدينار التونسي
وأشار إلى أنّ تراجع سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية ورفع الدعم عن السكر الموجه للصناعيين والحرفيين والزيادة في أسعار المحروقات أثرت على كلفة الإنتاج، ووقع تحميلها على بعض المنتجات حيث تمت الزيادة في أسعار المشروبات الغازية والحلويات والترفيع في فواتير الكهرباء والغاز والماء ومختلف الخدمات …
ويقول مدير المعهد ان تواصل انزلاق سعر الدينار، أدى إلى ارتفاع أسعار الأدوية، علما وان 50 بالمائة من حاجيات السوق التونسية من الأدوية موردة.
ولأسباب ظرفية وهيكلية وفي ظلّ تواصل الممارسات الاحتكارية، شهدت أيضا أسعار الخضر والغلال ارتفاعا ملحوظا، وهو ما اثر سلبا على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
ولاحظ طارق بن جازية، أنّ التونسي ” لا يملك سياسة ترشيد الاستهلاك أو المقاطعة” مضيفا انه رغم التشكي من غلاء الأسعار فان المحرك الوحيد الذي بقي ينشط في تونس هو محرك الاستهلاك وفق تعبيره. وقال إن نسبة الاستهلاك تجاوزت نسق النمو وهو ما يعكس وجود خلل في المنظومة الاقتصادية التونسية.
وشدّد على أنّ الزيادات في الأجور لم تكن بالحجم الكافي.
فشل السياسات العمومية
وإجمالا، فقد اعتبر مدير المعهد أنّ تراجع المقدرة الشرائية دفعت بالمواطن الى التداين والاقتراض من البنوك قائلا :” التداين اضطرارا لا اختيارا”.
وأفاد ان السياسات العمومية والقطاعية، تُعتبر من الأسباب الرئيسية لتراجع المقدرة الشرائية، فمثلا فشل السياسيات وتردي خدمات النقل العمومي وما يعانيه من اكتظاظ وعدم احترام التوقيت أدى الى لجوء المواطن الى التداين والاقتراض لإقتناء سيارة خاصة، وحسب الوكالة الفنية للنقل البري فإنّه يتمّ سنويا تسجيل حوالي 70 ألف سيارة جديدة، كما أن نسق توريد السيارات لم يتراجع وهو اليوم في حدود 50 الف سيارة سنويا.
وفي سياق آخر، قال مدير المعهد الوطني للاستهلاك، انّ البحث عن جودة التعليم أدى الى تزايد الاقبال على المدارس الخاصة، والتي ارتفع عددها من 102 مدرسة سنة 2010 الى 401 مدرسة خاصة سنة 2017. كما ارتفع عدد التلاميذ 21 ألف سنة 2011 الى نحو 70 الف تلميذ خلال السنة الدراسة الماضية.
كما سجل عدد الجامعات الخاصة ارتفاعا ملحوظا، من 22 جامعة سنة 2007 إلى 61 جامعة خاصة سنة 2016. وقال بن جازية ان كلفة التلميذ الواحد في المدرسة الخاصة تتراوح بين 300 و550 دينار شهريا في حين كلفة الطالب الواحد في مؤسسات التعليم العالي الخاص تتجاوز 5 آلاف دينار سنويا.
وأشار محدثنا الى تدني مستوى الخدمات المقدمة في المجال الصحي اثرت على المقدرة الشرائية للمواطن، ذلك ان النفقات الصحية تمثل اليوم 5,6 بالمائة من ميزانية الاسر التونسية.
وفي ما يتعلق بالسكن، أكد بن جازية ان نفقات الايجار وخلاص القروض السكنية والمعاليم البلدية تمثل 27 بالمائة من ميزانية الاسر بما من شأنه ان يؤثر سلبا على المقدرة الشرائية للمواطن.
وأشار الى ان اجمالي قائم قروض التونسيين الى غاية شهر جوان الماضي، بلغ 21,6 مليار دينار منها 9 مليار دينار قروض سكنية.
وبسبب غلاء المعيشة، نجد ان حجم ديون التونسيين لدى البنوك حسب منظومة “الروج” بلغ 5 مليار دينار إلى غاية شهر جوان 2017، وفقا لما أكده بن جازية.