تونس-افريكان مانجر
أثبتت التحقيقات الأمنية الأخيرة أن العمليات الإرهابية في تونس كان وراءها عاملين أساسيين و هما المتمتعين بالعفو التشريعي العام من جهة و الجمعيات الخيرية و الدينية من جهة أخرى و التي انتشرت بعد الثورة و مولت شبكات تسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر .
و بالعودة للملف الأول و المتمثل في المتمتعين بالعفو التشريعي العام فان جل الحكومات غضت النظر عن هذا الملف و لم تعمل على حله على الرغم من أن كل العمليات الإرهابية الكبرى التي شهدتها البلاد ثبت ضلوع عناصر متمتعة بالعفو التشريعي العام فيها, أخرها هجوم بن قردان الإرهابي الذي تورط به حوالي 10 أشخاص من هذه الفئة .
في السياق ذاته كشفت التقارير الأمنية الأخيرة أنّ جل المجموعات الإرهابيّة التي تم إلقاء القبض عليها سواء في القصرين أو سوسة كانت يتزعّمها ” متمتّعين بالعفو التّشريعي” ، حيث كشفت التحقيقات أنّ متزعّم ما يسمّى بـ” كتيبة الفرقان”( المتورطة في عمليّات سوسة الإرهابيّة و التي تخطّط أيضا لعمليّات أخرى ) هو من المتمتعين بالعفو التّشريعي العام ” .
وقد تمتعوا هؤلاء بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي بـ”عفو تشريعي عام” تم بموجبه الإفراج عن 300 تونسي قاتلوا سابقا في كل من العراق وأفغانستان والصومال واليمن.
و يُذكر أنّه تمّ مؤخرا تداول بعض الأخبار مفادها أن رئاسة الحكومة قررت فتح ملف انتدابات المتمتعين بالعفو التشريعي العام بالوظيفة العمومية بعد أن تبين وجود شُبهات حقيقية حول العديد من الذين تم انتدابهم واستغلالهم مناصبهم لأغراض غير مهنية .
ملف الجمعيات
من جهة أخرى يتفا جئ المواطن التونسي بعد ثورة 14 جانفي 2011 بكم هائل من الجمعيات “غير حكومية ” و ذات الطابع الخيري و الخدماتي في حين أن أغلب المواطنين لا يعرفون مصادر تمويلها.
وكان الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني كمال الجندوبي قد أكد في حوار سابق مع “افريكان مانجر” التونسية أن تقريرا صادر عن لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي جاء فيه أن اغلب الجمعيات التي تتعلق بها شبهات تمويلات غير شرعية تنشط أساسا في المجال الدعوي الديني أو أنّها تعمل في المجال الاجتماعي الخيري الإضافة إلى ذلك فقد خلص التقرير إلى أن حجم المعاملات لدى البعض الجمعيات يتراوح بين 100 ألف دينار و 3 مليون دينار٬ ومصادر هذه التمويلات هي بالأساس خارجية و متأتية من منظمات غير ربحية موجودة بدرجة أولى في الخليج و بدرجة ثانية بأوروبا و إفريقيا .
وقد انحصرت الشبهة في هذه الجمعيات في جرائم أصلية متعلقة بتمويل الإرهاب و تمويل شبكات تسفير الشباب لبؤر التوتر و بتبيض الأموال.
وفي هذا الإطار طالبت الحكومة التونسية بتعليق نشاط 167 جمعية تم تعليق 65 منها فقط كما قامت بطلب حل أكثر من60 جمعية٬ لم يتم منها حل سوى واحدة و هي رابطات حماية الثورة.
هذا و أثبتت شهادات أولياء جل المتورطين في عمليات إرهابية أو ممن سافروا إلى إحدى بؤر التوتر أن جل أبنائهم ترددوا على بعض الجمعيات “الخيرية ” أو الدينية ” و التي تقوم باستقطابهم ليصبحوا خلايا نائمة يقومون هم بدورهم باستقطاب أشخاص آخرين.
بين 6 و7 ألاف مقاتل تونسي في بؤر التوتر
و حسب تقرير بتاريخ 7 ديسمبر 2015 لمركز البحث “سوفان” المهتم بتقدير عدد “المقاتلين الأجانب” الناشطين في التنظيمات الإرهابية خاصة” داعش” في سوريا والعراق فان عدد التونسيين يصل إلى ما بين 6 و7 ألاف مقاتل .. وحسب “صوفان” فان العدد تضاعف بين سنتي 2014 و2015…
نفس التقرير يشير إلى منطقتين مختلفتين في تونس على أساس أنهما مصدر عدد كبير من الإرهابيين… معتمدية من أقصى الشمال (بنزرت) وأخرى من أقصى الجنوب (بن قردان).
من جهة أخرى تستقطب التنظيمات الجهادية في ليبيا مزيدا من التونسيين إما لتدريبهم على استعمال الأسلحة للقيام بعمليات إرهابية في ليبيا نفسها أو للعودة إلى تونس فيما بعد أو للقتال .
وتعوّل التنظيمات الجهادية في ليبيا على المقاتلين التونسيين للقيام بعمليات إرهابية نوعية نظرا لسهولة استقطابهم، حسب ما أكده خبراء أمنيون.
كما طالب في عديد المرات عدد من المراقبين و الخبراء المحليين استئصال الإرهاب من منابعه عبر مراجعة قانون العفو التشريعي العام آو مراجعة قانون الجمعيات و غلق ما ثبت طورتها …إلا أن الإرادة السياسية في تونس تبقى غير قادرة إلى الآن على حل هذه الملفات حيث تكتفي بحلول أمنية و عسكرية وقتية لا تقدر على القضاء نهائيا على آفة الإرهاب .