تونس-افريكان مانجر
بعد إلغائه منذ سنة1959،قامت أمس الاثنين لجنة المالية و التخطيط و التنمية بالمجلس الوطني التأسيسي بمناقشة مشروع قانون الأوقاف الإسلامية و ذلك باقتراح من حركة النهضة على أن يعرض في وقت لاحق على الجلسة العامة.
مشروع القانون هذا، أثار أكثر من نقطة استفهام حول مدى فاعليته في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد. و قد اختلفت حوله الآراء بين مؤيد للمقترح باعتباره سيساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية ،و رافض له على أساس أن إعادة إحياء قانون الأوقاف هو نهاية المؤسسات العمومية و هو وسيلة تتنصل من خلالها الدولة من مسؤولياتها التنموية، وهو أيضا في نظر البعض خطوة من حركة النهضة لأسلمة الدولة.
سلبية قانون الأوقاف
الوقف هو “ملكية دون انتفاع وقد صنف قانون 57 الأوقاف إلى صنفين اثنين: أوقاف على النفس أي تحبيس الرقبة وهي الأوقاف الأصلية المتعارف عليها وتبقى على ملكية الحابس حتى بعد موته وعلى منفعة المجموعة. أما الصنف الثاني فهو أوقاف على الصالح العام والتي تؤول إلى الصالح العام بعد موت الحابس على غرار أوقاف عزيزة عثمانة كمستشفى عزيزة عثمانة وما حوله”..
وتعتبر الأوقاف من ضمن المؤسسات القانونية التي كانت سائدة قبل الاستقلال، ولازالت موجودة في بعض الدول الإسلامية وغيرها من البلدان.و تعني الأوقاف وقف أو”تحبيس” بعض الممتلكات لفائدة مؤسسات خيرية أو تربوية أو علمية…
و حول هذا الموضوع بيّن الخبير في الشأن الاقتصادي عز الدين سعيدان لـ”افريكان مانجر”أن إعادة طرح قانون”الأحباس” هو محاولة من حركة النهضة توظيفه لخدمة مواقفها السياسية و السير نحو أسلمة الدولة إلى جانب السيطرة على الاقتصاد التونسي.وأضاف في ذات السياق أنه ليس من أولويات المرحلة لما سيخلفه من انعكاسات سلبية على التنمية.
المصادقة على المشروع عملية مستبعدة
في السياق ذاته استنكر الخبير الاقتصادي حسين الديماسي في تصريحات إعلامية، إعادة إحياء قانون الأوقاف حيث وصف الديماسي أن هذا القانون خطير جدا معتبرا أنه يؤسس لدولة داخل الدولة حسب تعبيره، مضيفا أن الرئيس السابق الحبيب بورقيبة أوقف العمل به اثر خروج الاستعمار الفرنسي من تونس مباشرة نظرا لأثاره السلبية.
كما أوضح الديماسي أن هذا القانون يخول للخواص والأشخاص تقديم عقارت للدولة يمكن أن تكون على شكل مستشفيات، مدارس أو مساجد تكون مداخيلها للدولة لكن مصاريفها من الأحباس و خارج سيطرتها وهذا ما يثير عدة مخاوف من ظهور مؤسسات عمومية ليست تحت سيطرة الدولة بل تتبع أحزاب أو جماعات غير معلومة.
و باتصال مع رجل القانون منجي الغربي صرّح ل”افريكان مانجر”أنه يستبعد المصادقة على مشروع قانون الأوقاف الإسلامية لأنه سيحدث شللا في الدورة الاقتصادية .
النهضة تدافع عن مشروع القانون
في المقابل دافع نواب حركة النهضة عن مشروع قانون الأوقاف، حيث أكدوا وفق ما ذكرته تقارير إخبارية أن مشروع قانون الأوقاف الجديد يساهم في التخفيف عن عاتق الدولة،فقد صرّح نائب المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة ونائب لجنة المالية معز بالحاج رحومة بان مشروع القانون المقدم يعيد تصور الأوقاف في تونس، مشيرا إلى أن التصور الجديد لقانون الأوقاف يراعي البعد الاقتصادي وهو ثلاثي الأبعاد، حيث يشمل القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع التضامني، واعتبر انه سيعطي دفعا كبيرا ويخفف عن عاتق الدولة، كما أكد انه يتدخل في كثير من المجالات الموكولة إلى الدولة والتي تمثل عبءا عليها، وشدد على انه يساهم بشكل كبير في البعد التنموي، وأضاف أن هناك من يمتلك ثروة ويريد التبرع بجزء منها للمساهمة في القطاع العام، وهذا يدخل في الجانب التكافلي وهو ميزة في المجتمعات الإسلامية، أما عن فض الإشكالات السابقة في ما يتعلق بالوقف فقال إن مشروع القانون ليس له اي بعد رجعي ولن يشمل الاشكالات القديمة انما هو ينطلق من تاريخ المصادقة عليه.
أما كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع العام فقالت انه تمت مناقشة أهمية الأوقاف ودورها في مجال التكافل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، كما تم التأكيد على أن منظومة الأوقاف تعتمدها بعض الدول الأوروبية والدول الأمريكية, كما أشارت إلى ان مؤسسة الأوقاف كانت موجودة لكن في سنة 1959 تم إلغاءها وتصفية الأحباس، واعتبرت أن هناك رغبة في إعادة هذه المنظومة لتنظيم هذه المؤسسة وتدارك جميع النقائص و الاخلالات في القانون السابق بجعل أمانة عامة لمراقبتها ماليا وإداريا، وفق تعبيرها.