تونس- افريكان مانجر
إنتقد رئيس الغرفة النقابية الوطنية لشركات التوريد والتصدير فتحي بن جازية الإجراء الحكومي الأخير ، والقاضي بإجبارية التوريد مباشرة من المصانع المُنتجة، وقال في حوار مع “افريكان مانجر” إنّ القانون الجديد يكتنفه بعض الغموض بإعتباره لم يُحدد إجبارية التوريد من “المصنع أو المُصنع”، مُشيرا الى أنّه من الغير المعقول إعلانه والشروع في تنفيذه في اقلّ من 24 ساعة.
الشركات المُصنعة تشترط
وتابع “مُتسعدون لترشيد التوريد للحدّ من اختلال الميزان التجاري”، غير انه دعا في ذات السياق سلطة الاشراف الى تشريكهم والاستماع الى مقترحاتهم قبل إتخاذ القرارات لما ذلك من عواقب على الشركات.
ورجح تراجع نشاط العديد من الشركات بإعتبار أنّ المصانع المنتجة تشترط في الغالب إقتناء كميات كبيرة جدّا، و باسعار مرتفعة في بعض الحالات.
ولفت رئيس الغرفة الى أنّ المواد الكمالية لا تمثل سوى 2 % في حين أنّ المواد الطاقية تستأثر بالنصيب الأسد من التوريد حيث تمثل تقريبا 82 % تليها المواد الأساسية بنسبة 16 %.
وعبر عن استعداداهم لتطبيق سياسة الدولة في هذا المجال، سيما في ظلّ الظرف الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمرّ به البلاد غير ان الغرفة تطالب بمزيد التشاور مع المهنيين.
ولئن كانت الحكومة قد عللت قرارها هذا بحرصها على الجودة وضمان سلامة المستهلك، فقد شدّد بن جازية على ان ان العديد من الصناعات التونسية والغذائية منها لا تخضع لمراقبة الجودة ولا لأية مواصفات، وفق تعبيره.
وفي جانب آخر، انتقد تفاقم ظاهرة التهريب خاصة في اسواق معروفة جدا على غرار سوق المنصف باي بالعاصمة وسوق الجم بالمهدية، حيث تنتشر السلع المهربة والتي تكبد خزينة الدولة خسائر كبيرة.
ورغم غياب الأرقام الرسمية، فإنّ بعض الدراسات تقول ان التجارة الموازية والتهريب في تونس تتسبب في خسائر جبائية للدولة تقدر بـ 1,2 مليار دينار في السنة منها 500 مليون دينار معاليم ديوانية.
العجز التجاري: رقم قياسي
ويتنزل إجراء اجبارية التوريد مباشرة من المصنع ضمن حزمة من القرارات الجديدة التي شرعت الحكومة مطلع الشهر الجاري في اعلانها، وذلك عقب تسجيل الميزان التجاري في تونس خلال الثمانية الأشهر الأولى من سنة 2022، عجزا بقيمة 16,8 مليار دينار، فيما تراجعت نسبة تغطية الصادرات للواردات تراجعت بـ 5,3 نقاط.
ويشهد الميزان التجاري منذ سنوات عجزا متواصلا منذ سنوات، وتم تسجيل رقم قياسي قدر بـ 19,4 مليار دينار خلال سنة 2019.
وكان نسق تطور التوريد أعلى من الصادرات، ذلك أنّ تونس وردت خلال الـ 8 أشهر الأولى من العام الجاري سلعا بقيمة 53,8 مليار دينار % في حين أنّ حجم الصادرات بلغ 36,9 مليار دينار وبنسبة تطور قدرت بـ 24,4 %، وفقا لمعطيات استقتها “افريكان مانجر” من وزارة التجارة.
يُشار الى ان وزارات التجارة والصناعة والصحة، أعلنوا يوم 16 اكتوبر الجاري، في قرار مشترك، عن اعتماد نظام مراقبة قبليّة على عمليّات توريد المنتوجات الاستهلاكية مع فرض توريد هذه المنتجات بصفة مباشرة من المصنع المنتج له ببلد التصدير.
وبررت الوزارات الثلاث قرارها بأنّه يأتي في إطار الحرص على ضمان جودة المنتوجات وسلامة المستهلك.
ودخل القرار حيّز النفاذ بداية من الاثنين 17 أكتوبر 2022، وتستثنى من تطبيقه عمليّات التوريد، التّي تمّ فتح سندات تجارة خارجيّة في شأنها قبل دخول الإجراء حيّز التطبيق.
إجراءات لحماية الصناعة الوطنية
وفي إطار الضغط على توريد المواد الكمالية للحد من اختلال الميزان التجاري مع عدد من البلدان التي تضر بالمالية العمومية، تتجه الحكومة التونسية الى مراجعة الاتفاقية التجارية مع تركيا ، وفقا لما اكدته مديرة التجارة الخارجية درة البرجي في حوار سابق مع “افريكان مانجر” مؤكدة ان كل السيناريوهات مطروحة بما في ذلك الإلغاء، وينتظر ان يُؤدي وفد حكومي تركي زيارة الى تونس خلال شهر أكتوبر 2022 للنقاش بخصوص بنود الاتفاقية لتحسين وضعية الميزان التجاري.
وردا على دعوات البعض لايقاف التوريد للمواد غير الضرورية، تقول المسؤولة ذاتها انه من غير الممكن إتخاذ قرار منع التوريد كليا حتى لمنتوجات تعد من “الكماليات” بالنظر الى انخراط بلادنا بالمنظمة العالمية للتجارة غير ان اتفاقيات المنظمة تنص على امكانية سن الدول الاعضاء لاجراءات فنية وتنظيمية لحماية صناعاتها الوطنية.
وسيتمّ في غضون الفترة القليلة القادمة إصدار جملة من القرارات الجديدة الرامية لتشديد الإجراءات بهدف الترشيد والتقليص من نسق الواردات على ان يتمّ تضمين مشروع قانون المالية لسنة 2023 بعض الإجراءات الخاصة بالتوريد على غرار توسيع قائمة المنتوجات الخاضعة للتسبقة على الضريبة AIR مع إمكانية الترفيع في مقدار هذه التسبقة.