تونس-أفريكان مانجر
أثارت زيارة مهدي جمعة رئيس الحكومة المؤقّت إلى دول الخليج ثمّ إلى أمريكا انتقادات كثيرة من قبل خبراء سياسيين واقتصاديين، خاصّة بعد “الفشل الذّريع الذي أسفرت عنه زيارته إلى دول الخليج وتأجيل زيارته إلى فرنسا ” على حدّ تعبيرهم ، معتبرين أنّ هذه الزّيارات ما هي إلاّ طريقة للبحث عن حلول سهلة (الاقتراض) دون بحث عن حلول جذريّة عميقة تنطلق من داخل البلاد لا من خارجها (من شأنها فقط أن تؤثّر على الدّبلوماسيّة التّونسيّة).
وفي هذا الإطار، أكّدت بدرة قعلول رئيسة المركز الدّولي للدّراسات الإستراتيجية الأمنيّة والعسكريّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الحلول الخارجيّة هي أشباه حلول ولا يمكن أن تخرج تونس من المأزق، مضيفة أنّ الشّعب التّونسي عندما طالب بحكومة كفاءات كان يطمح إلى تغيير واقعه وإيجاد حلّ لمشاكله الدّاخليّة عبر حلول داخليّة لا خارجيّة، فهل استوفى مهدي جمعة على حدّ تعبيرها الحلول الدّاخليّة واجتمع بالخبراء وتباحث معهم حول مختلف الملفّات الشّائكة ليتحوّل بعد ذلك للبحث عن حلول خارجيّة ؟ هذا لم يحدث حسب تصريحاتها، بل بالعكس كاهل الدّولة أثقل بالقروض وبالشّروط الخارجيّة والبلاد أصبحت شبه مرهونة.
إنقاذ البلاد أو إنقاذ الحكومة
وفي سياق متّصل أفادت قعلول أنّ مهدي جمعة أمام خيارين ، إمّا إنقاذ البلاد أو إنقاذ حكومته،مضيفة أنّ على رئيس الحكومة إنقاذ بلاده من داخل البلاد بتحميله المسؤوليّة لكلّ مواطن تونسي، ومطالبته بالقيام بواجباته وعدم الاكتفاء بالمطالبة بحقوقه، مبيّنة أنّ الالتجاء لحلول خارجيّة يمكن أن يخرج تونس من المأزق لفترة قصيرة، لكنّنا سنجد أنفسنا في وضع أصعب من الوضع الحالي السّنة المقبلة. وفي ختام حديثها قالت رئيسة المركز الدّولي للدّراسات الإستراتيجية الأمنيّة والعسكريّة أنّ مهدي جمعة عاد بخفّي حنين بعد جولته بدول الخليج وهذه صورة سيّئة للدبلوماسية التّونسيّة على حدّ تعبيرها.
أمّا وجدي بالرجب الخبير الاقتصادي فقد صرّح لـ “أفريكان مانجر” بخصوص نفس الموضوع أنّ مهدي جمعة ليس لديه خيار أخر سوى الاقتراض لتغطية عجز ميزانيّة 2014 المقدّر بـ 5 مليون دينار، مبرزا أنّ زيارة رئيس الحكومة إلى أمريكا هدفها إبراز رغبة تونس السّياسيّة في تحسين وضعها عبر الحصول على دعم مالي واستثماري واقتصادي من قبل المنظّمات والمؤسّسات (وكالات التّرقيم الائتماني).
حلول سهلة وأخرى صعبة
وعن سبب عدم بحث جمعة عن حلول داخليّة ( التّقليص في الدّعم/ فرض الضّرائب/ التّخفيض في الأجور/ التّقليص في التّنمية) قبل اللّجوء إلى حلول خارجيّة، بيّن نفس المصدر أنّها توجد حلول سهلة (الاقتراض) وأخرى صعبة (يصعب تطبيقها) على غرار فرض الإتاوات، مضيفا أنّ الدّعم سيتقلّص ولا مفرّ منه (في جوان سينطلق رفع الدّعم نهائيّا على كثير من المؤسّسات)، كما توجد مشاكل صناديق الضّمان الاجتماعي والعجز الذي تعاني منه ( والذي يستدعي العمل على التّرفيع في قيمة المساهمات أو التّرفيع في سنّ التّقاعد)… كلّ هذه المشاكل تجعل من الحلول الدّاخليّة صعبة على حدّ تعبيره.
من جهة أخرى أبرز محدّثنا أنّ المقدرة الشّرائيّة للمواطن التّونسي انجرفت والحلول الدّاخليّة أصبحت موجعة وفيها تضحيات، ورغم ذلك لا يسمح أن تتحوّل زيارة جمعة إلى الدّول الخارجيّة إلى استجداء، فقط فرئيس الحكومة مطالب إلى جانب محاولة الحصول على قروض إلى التّقدّم بطلب لجدولة الدّيون واستقطاب المستثمرين، مع المحافظة على كرامة تونس وهيبتها، وفق تعبيره.