تونس-أفريكان مانجر
تسبّبت عمليّة تجميد الأجور سنة 2013 في تاكل المقدرة الشّرائيّة للطبقة المتوسّطة ممّا قد يتسبّب في انزلاق حوالي 43 % منهم تحت عتبة الفقر، حسب آخر الدّراسات التي أجريت في هذا المجال، نتيجة تصخّم الأسعار وارتفاع الجباية، غير أنّ تشكيل حكومة جديدة بعث كثيرا من الأمل لدى جلّ التّونسيين في تحسّن أوضاعهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، خاصّة وأنّها توجد كثير من البوادر والمؤشّرات التّي تؤكّد امكانيّة نجاح هذه الحكومة في مهمّتها، وعلى هذا الأساس سيدخل الاتّحاد التّونسي للشغل في مفاوضات اجتماعيّة للتّرفيع في الأجور سنة 2014.
وفي هذا الإطار، كشف بو علي المباركي الأمين العام المساعد للاتّحاد التّونسي للشغل في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الهيئة الإداريّة للاتّحاد ستدخل خلال الأيّام القريبة القادمة في مفاوضات اجتماعيّة للتّرفيع في الأجور بالنّسبة لسنة 2014 ، بهدف تحسين المقدرة الشّرائيّة للمواطن التّونسي وإنقاذ نسبة كبيرة من الطّبقة المتوسّطة قبل انزلاقها الى جانب الفئات الضّعيفة، كما أوضح نفس المصدر أنّ الاتّحاد سيتفاوض أيضا مع الحكومة حول التّرفيع في الاجر الأدنى الصّناعي “السميق”.
بين مؤيد ورافض
وبين مؤيّد ورافض لهذا القرار، نظرا للوضعيّة الاقتصاديّة الحرجة التّي تمرّ بها البلاد، يرى وجدي بن رجب الخبير الإقتصادي أنّ المقدرة الشّرائيّة للمستهلك لا يمكن أن تتحسّن بالتّرفيع في الأجور ، خاصّة وأنّ المواد الاستهلاكيّة تشهد نزيفا من الزّيادات في الأسعار، ومن هذا المنطلق أكّد محدّثنا على أنّ الحلّ ليس في الزّيادة في الأجور، بل في تكثيف المراقبة الإقتصاديّة والأمنيّة وتطبيق القوانين وارجاع هيبة الدّولة والتّحكّم في الأسعار وترشيد الإستهلاك، خاصّة وأنّ الحكومة الجديدة في حاجة الى مساعدتها على انجاج المرحلة القادمة، وهي أمام معضلتين الأولى تتعلّق بميزانيّة معلّقة، والأخرى متعلّقة بالزّيادة في الأجور.
الترفيع في الأجور ضرورة
من جهة أخرى حذّر بعض الخبراء الاقتصاديين الاخرين من التّسابق والتّلاحق بين الأجور والأسعار، مشدّدين على ضرورة التّرفيع في الأجور، وفي نفس الوقت تشديد المراقبة الاقتصاديّة على جميع المنتوجات وتكثيف المراقبة الأمنيّة على المهرّبين وعلى مختلف مسالك التّوزيع، وفي هذا الإطار قال سليم سعد الله نائب رئيس منظّمة الدّفاع عن المستهلك في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّه شخصيّا مع الزّيادة في الأجور، رغم مخاوفه من عمليّة التّرفيع في الأسعار التّي غالبا ما تكون في تونس غير خاضعة لأمور علميّة ولا حتّى اجتماعيّة، مبرزا أنّ الصّناعيين ينتظرون مثل هذه الزّيادات لايجاد مبرّر للتّرفيع في أسعارهم، ولهذا يشدّد على ضرورة تدخّل الإتّحاد التّونسي للصّناعة والتّجارة لمنع مثل هذه الممارسات واتّخاذ القرارات بعقلانيّة وحكمة.
وأوضح نفس المصدر أنّ الزّيادة مطلوبة بالنّسبة للطبقة المتوسّطة، بشكل سريع، نظرا لتردّي مقدرتهم الشّرائيّة، مضيفا أنّ منظّمة الدّفاع عن المستهلك مازالت لم تتخذ موقفا بخصوص هذا الموضوع، ورغم ذلك هي تدعو الى كلّ الجهات المعنيّة الى الضّغط على الأسعار خاصّة على مستوى الخضر والغلال واللّحوم والموّاد الاستهلاكيّة الأساسيّة وتكثيف المراقبة الإقتصاديّة والأمنيّة على مسالك التّوزيع والحدّ من التّهريب.
ورغم تبان الاراء حول موضوع الزّيادة في الأجور، إلاّ أنّ جلّ الخبراء الاقتصاديين والسّياسيين شدّدوا على ضرورة مساعدة الحكومة الجديدة على الوصول الى مرحلة الانتخابات في ظروف ملائمة، الى جانب مساعدها على انقاذ الإقتصاد الوطني ووضع حدّ لنزيف التّداين، خاصّة وأنّها أمام مشكلتين عاجلتين : ميزانيّة معلّقة يجب مراجعتها والمصادقة عليها وزيادة في الأجور مطلب اجتماعي لا يحتمل التّأجيل.
ه ه