تونس -افريكان مانجر
أكد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق، اليوم الجمعة 10 ماي 2024، أن التعويض المالي الذي ستتفعه الدولة التونسية في القضية المرفوعة ضدها أمام المركز الدولي لفض نزاعات الاستثمار من قبل الشركة العربية الدولية للأعمال ،في ما يعرف بقضية البنك الفرنسي التونسي، يعتبر رمزيا مقارنة بالمبالغ المطلوبة من طرف الشركة الخصم حيث طلبت حوالي 30 ألف مليار .
و قال الوزير في حديث للاذاعة الوطنية بان الدولة وفق القرار التحكيمي الصادر يوم 22 ديسمبر 2023 ، يتعين عليها دفع تعويض قدره 1،167 مليون دينارا تونسيا .
و اوضح الرقيق بان الحكم كان قابلا للاعتراض ، و حيث قامت الشركة الخصيمة منذ 3 ايام مضت بطعن هذا الحكم ليكون بذلك اعلان انطلاق طور قضائي اخر بين الدولة التونسية و الشركة الخصم بالنظر في ابطال هذا القرار بحسبي قوله .
و اشار المسؤول الحكومي بان الشركة الخصيمة من حقها الاعتراض ، لكنها ستجد في المقابل الدولة التونسية ممثلة في المكلف العام بنزاعات الدّولة سيقوم بمتابعة هذا الملف بنفس الاستراتجية المتبعة في الطور الاول من التحاكم و الدفاع عن مصالح الدولة .
و كان محمد الرقيق قد اكد في تصريحات سابقة أن القرار التحكيمي فيما يعرف بقضية البنك الفرنسي التونسي يعتبر من حيث المبدأ نهائيا ولا يقبل الطعن بالإستئناف مستدركا بالقول :”و لكنه يمكن للخصيمة الطعن في القرار بطريقة استثنائية عبر الطعن بالإبطال وذلك وفق 4 حالات يحددها قانون الهيئة التحكيمية الدولية وهي وجود خلل في تكوين الهيئة التحكيمية أو الإفراط في السلطة أو ضعف التعليل أو خلل إجرائي على غرار المس بالحق في الدفاع مشددا على أن حظوظ الخصيمة ضعيفة في هذا الصدد ويصعب عليها الحصول على قرار إبطال” وفق تقديره.
و يمكن للشركة الخصيمة ممارسة حقها في الطعن بالإبطال في ظرف 120 يوما منذ صدور القرار وفق ما ينص عليه قانون الهيئة التحكيمية الدولية CIRDI .
من جهته أعلن البنك المركزي التونسي إحالة تقرير للمحكمة الابتدائية لاستصدار حكم بتصفية البنك الفرنسي التونسي، لتعذر إنقاذه. وأوضح المركزي التونسي، في بيان، في شهر مارس من سنة 2022 أن “القرار يأتي بعد معاينة لجنة إنقاذ البنوك لتوقف البنك الفرنسي التونسي عن الدفع وتعذر إنقاذه”.
و قضية البنك الفرنسي التونسي نزيف انطلق منذ سنة 1989 ليتواصل و تعمق بعد سنة 2011 حيث تعود اطراف القضية الى سنة 2012(عهد حكومة الترويكا) حين كان على رأس وزارة املاك الدولة سليم بن حميدان و الذي قام بالعديد من التجاوزات في ملف ما يعرف بالبنك الفرنسي التونسي مع تورط كل من المكلفة بنزاعات الدولة سنة 2012 و مستشاريه حامد النقعاوي و المنجي صفر.
و حيث قام بن حميدان بسحب هذا الملف من شركة المحاماة التي تدافع عن مصالح الدولة التونسية و كلف كل من المستشارين المذكورين سابقا بهذا الملف من ثم عمد بطريقة منظمة و “شيطانية ” الى ابرام عقد صلح مع عبد المجيد بودن وهو المتهم الرئيسي في هذه القضية و صاحب مؤسّسة العربية للاستثمار ABCI.
و توجه بن حميدان بتاريخ 20 سبتمبر من سنة 2012 بمراسلة محكمة التعقيب للحصول على عفو تشريعي عام لفائدة بودن وذلك عن طريق تكليف المكلفة العام بنزاعات الدولة.
وقد تضمنت المراسلة الصادرة عن المكلفة العامة بنزاعات الدولة عفيفة بوزيدي ان المرسوم عدد 1 لسنة 2011 تسمح بإدراج وضعية بودن ضمن المنتفعين بالعفو العام ذلك أن الوصف السياسي للجرائم التي نسبت إليه من خلال التعليمات الحكومية التي كانت السبب المباشر للادانة والإصرار على التجريم رغم حفظ التهم الصفية وتهمة الإيثار من قبل قاضي التحقيق.
ورغم نفي بن حميدان في عديد المناسبات علمه باتفاقية الصلح لبودن و طلب العفو له ” متهما مستشاره حامد النقعاوي بقيامه بهذا العمل بصفة فردية الا ان عددا من المراسلات السرية بينه و بين وزارة العدل الممثلة في شخص نور الدين البحيري وقتها اثبتت تورطه و علمه المسبق بافعال مستشاريه .
و قد تحصل افريكان مانجر على مراسلات سرية ارسلها وزير املاك الدولة و الشؤون العقارية الاسبق خلال فترة حكم الترويكا سليم بن حميدان الى وزير العدل في عديد المناسبات ليقنعه بتمتيع خصم الدولة ( عبد المجيد بودن ) بالعفو التشريعي العام، وأجابه وزير العدل في مناسبتين أن خصم الدولة لا تتوفر فيه شروط العفو التشريعي العام .
و بطريقة ذكية استطاع كل من حميدان و “شركاءه ” تحويل كل المسؤولية الجزائية في قضية البنك التونسي الفرنسي الى الدولة التونسية و اعتبار المتهم السابق “عبد المجيد بودن ” ضحية للنظام السياسي السابق بل و من حقه كذلك التمتع بتعويضات .
وقد حكمت الهيئة التحكيمية الدولية CIRDI في هذه القضية بمسؤولية الدولة التونسية، إضافة إلى تأكيدها خرق الدولة للنظام العام الدولي وللقانون الدولي في عدم حماية أموال مستثمرين أجانب داخل البلاد إضافة إلى تجميدها
و اعتبرت الهيئة فرضية تعرّض رئيس مجلس إدارة المؤسّسة العربية للاستثمار السابق( عبد المجيد بودن ) للتهديد الذي أجبره على الإمضاء اتفاق 1989 و الذي تم بمقتضاه تحويل جميع أسهم الشركة العربية للاستثمار ABCI لحسابات الشركة الأم ، وهي الشركة التونسية للبنك.
و قد تأسّست الشركة العربية للاستثمار ABCI في 18 ماي 1982 بشراكة بين الأمير السعودي بندر بن خالد بن عبد العزيز آل سعود ورجل الأعمال التونسي عبد المجيد بودن يمتلك النصف الآخر.
و من ثم قرّر البنك الفرنسي التونسي بتاريخ 18 جوان 1981 الترفيع في رأس ماله من مليون دينار إلى 5 ملايين دينار بإحداث 800 ألف سهم جديد بقيمة تقدّر ب5 دنانير للسهم الواحد، قرار الترفيع نُشر في بالرائد الرسمي بتاريخ 1 جانفي 1983 في ذلك الوقت كانت الشركة التونسية للبنك تمتلك ما يقارب 94 بالمائة من رأس مال البنك الفرنسي التونسي.
و بذلك تقدم رجل الأعمال التونسي عبد المجيد بودن الى هذا العرض و تمكن من الحصول على تصريح من وزير التخطيط والمالية حينها منصور معلى يتضمّن الموافقة للاستثمار في البنك الفرنسي التونسي بنسبة 50 بالمائة.
وفي جويلية 1984 أصبحت رسمياً الشركة العربية للاستثمار تمتلك 53.6 بالمائة من أسهم البنك الفرنسي التونسي إلى جانب الشركة التونسية للبنك والتي أصبحت مساهماً صاحب أقليّة و في هذه الأثناء انسحب الأمير بندر من المؤسّسة العربية للاستثمار ABCIو انطلقت من هنا المشاكل و التي تواصلت الى حد هذه الساعة .