تونس- أفريكان مانجر
كشف تقرير أميركي أن المقاتلين التونسيين يتلقون تزكية من زعيم أنصار الشريعة في تونس سيف الله بن حسين الملقب بأبي عياض للسفر والقتال في سوريا، فيما نشر شهادة لمقاتل عائد من سوريا قال فيها إن رجل أعمال سلفي يتولى القيام بمهمة الوساطة بين المقاتلين في سوريا وفي تونس بمقابل مالي تماما مثل المقاتلين الذين يحصلون على أموال مقابل مشاركتهم في الحرب السورية لاسقاط نظام بشار الأسد.
ونُشرت هذه الاعترافات في تقرير أعده مؤخرا مركز دراسات أميركي “معهد واشنطن” تحت عنوان ” لقاء مع مقاتل أجنبي تونسي عائد من الجبهة السورية” الذي لاحظ أن هذا المقاتل عندما عاد إلى تونس عبر اسطنبول، اشترى ملابس جديدة لوالديه مستخدماً الأموال التي حصل عليها من خزائن جماعة الثوار التي كان يقاتل معها (والتي يرجح أن تكون “جبهة النصرة”) أو راعيه، رجل أعمال سلفي من نفس بلدة خالد تربطه علاقات عمل بالمملكة العربية السعودية، والذي ساعد في دفع نفقات جواز سفره وتذكرة الطائرة إلى تركيا.
وعندما عاد خالد إلى وطنه من سوريا، تم اعتقاله على الفور في “مطار تونس قرطاج الدولي” وتم سجنه لمدة ثلاثة أشهر ونصف. ويقول إنه لم يتعرض للتعذيب.
القتال بدافع الفقر والإيمان
وقد التقى محرر التقرير الباحث الأميركي هارون نزيلين المقاتل الشاب التونسي باسم مستعار “خالد” في بلدة صغيرة بولاية نابل، وقال إنه قابله في اليوم الأخير من شهر أوت 2013 ، موضحا أنه قاتل في سوريا على مدار ستة أشهر وعاد بعد ذلك إلى تونس.
ولاحظ أن المقاتل العائد خالد لا يشعر بالارتياح عند الحديث عن تجربته. فقد كان ينظر إلى الأرض طوال المحادثة، ويعبث بمظروف في يده، ولم يتواصل بعينه معه مطلقاً. كما لم يكن مهتماً بتقديم الكثير من التفاصيل، واكتفى بالقول إن سبب قتاله في سوريا هو “أنه يؤمن بالله”.
وأفاد التقرير أن خالد يأتي من خلفية متواضعة. فأبواه يديران كُشكاً على جانب الطريق لبيع الحلوى والبسكويت والرقاقة (من البطاطة) والعلك والمشروبات الغازية.
ورجح الباحث الأميركي أن يكون الفقر أحد العوامل المحفزة لذهابه إلى سوريا حيث أن هناك تقارير تفيد بأن المقاتلين من “جبهة النصرة” يحصلون على 250 إلى 300 دولار شهرياً أثناء القتال، وهو ما يمكن أن يعود بالفائدة على عائلته أيضاً، وفق التقرير الأميركي.
كما رجح تقرير “معهد واشنطن” أن تكون هناك أيضاً دوافع دينية وأيديولوجية مهمة فعقب الثورة التونسية في شتاء عام 2011 أصبح خالد أكثر تديناً حيث شارك أولاً في مساندة “حزب النهضة”، لكنه ترك هذا الحزب لاحقاً وانضم إلى المعسكر السلفي من خلال الانضمام إلى جماعة “أنصار الشريعة في تونس” في مسجد ببلدته يديره إمام مصري كان يعيش سابقاً في المملكة العربية السعودية.
أنصار الشريعة على المحك
وذهب خالد في البداية إلى مسجد “أنصار الشريعة في تونس” للصلاة، ثم أقام صداقات مع زوار المسجد الآخرين، وبمرور الوقت تبنى أسلوب الحياة السلفي، وفق روايته كما نقلها التقرير الأميركي.
وبالرغم من أن خالد لم يذكر المجموعة التي انضم إليها في سوريا، بسبب روابطه بأحد مساجد “أنصار الشريعة في تونس”، إلا أن تلك المجموعة كانت “جبهة النصرة” بحسب ترجيح محرر التقرير الأميركي الذي كشف أن عضو في جماعة “أنصار الشريعة” يعيش في ضواحي جنوب شرق تونس أخبره أن المنضمين إلى جماعة “أنصار الشريعة في تونس” أو المرتبطين بها يقاتلون في صفوف “جبهة النصرة” المتعددة الجنسيات في سوريا. كما صرح ذلك العضو أن زعيم “أنصار الشريعة”، أبوعياض التونسي، يقدم التزكية للمقاتلين الذين تحتاجهم “جبهة النصرة”.
وهناك اعتقادا بأن جميع التونسيين الآخرين الذين يقاتلون في سوريا من غير المرتبطين بـ جماعة “أنصار الشريعة” يقاتلون في صفوف “الجيش السوري الحر”.
وقد ذهب خالد إلى سوريا مع ثلاثة آخرين من بلدته، وتوفي أحدهم أثناء القتال هناك.
ويعتقد بعض أصدقائه من قريته أنه تعرض للصدمة جراء تجاربه في سوريا حيث لم يعد يُطلق لحيته أو يرتدي الثوب حيث أصبح يستخدم الجيل لتصفيف شعره ويرتدي بناطيل الجينز فضلاً عن ارتدائه سترة من الجلد.
ماذا بعد العودة؟
في المقابل يقول خالد إنه غير من مظهره فعلياً لأسباب ذات طابع تكتيكي، ويقول: “كنت غبياً بإطلاق لحيتي بحيث يسهل على قوات الأمن التونسية التعرف عليّ بسهولة، ولهذا السبب اعتقلوني في المطار”. وعلاوة على ذلك، كما ينفي تعرضه لصدمة جراء تجربته في سوريا، حيث يقول “هذا غير معقول. كنت مع أصدقائي أثناء تواجدي في سوريا الذين يريدون القتال ويفعلون شيئاً لهدف ما”. ولا يزال يؤمن بعدالة القضية، ولم يخيب أمله بسبب الوقت الذي أمضاه في سوريا ولم يندم على الأمر.
ويُبقي الباحث الأميركي تقريره مفتوحا وسط تساؤلات ضمنية طرحها عما إذا كان مثل هؤلاء الشباب الذين قاتلوا في سوريا سيحملون السلاح في “أوطانهم” بعد عودتهم من سوريا واكتسابهم مهارات قتالية خاصة وأن هؤلاء أن ليس لديهم أي إيمان بالدولة أو الأمن التونسي، ولا يعترف بقوانينها، وفق ذات المصدر الأميركي.
ع ب م