تونس-افريكان مانجر
هي أول امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة في تاريخ البلاد، نجلاء بودن دخلت القصر في صمت يوم 29 سبتمبر 2021 وغادرت في صمت أعمق في غرة أوت 2023، امرأة مطيعة عٌرفت بولائها لرئيس الجمهورية قيس سعيد ورغم الانتقادات التي لاحقتها طيلة فترة رئاستها، فإنها لم تٌدلي تقريبا بأي تصريح اعلامي أو حوار صحفي وخطاباتها اقتصرت على المناسبات الرسمية دون سواها وحتى في مقاطع الفيديو التي تنشرها رئاسة الجمهورية عقب لقاء قيس سعيد ظهرت فيها صامتة تنتظر أوامر الرئيس.
وبعد حوالي سنتين من توليها خطة رئيسة الحكومة، أعلنت رئاسة الجمهورية في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء غرة أوت 2023، إنهاء مهام نجلاء بودن رمضان وتعيين أحمد الحشاني خلفاً لها، دون ذكر للأسباب أو كشف عن كواليس الاعفاء.
وضع استثنائي
و على الرغم من خصوصية المرحلة التي تمر بها البلاد اقتصاديا و اجتماعيا و ما يمثله عدم الاستقرار السياسي من خطورة على الساحة الاقتصادية سيما و ان تونس تسعى للحصول على تمويلات من الجهات المانحة الدولية، فان رئيس الدولة أقدم على اعفاء رئيسة الحكومة مقابل الإبقاء على وزراءها، وقد سبق لقيس سعيد في مرحلة أولى اقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين و تعويضه بكمال الفقي، ثم أقال وزير التشغيل و التكوين المهني نصر الدين النصيبي ووزيرة الصناعة و الطاقة و المناجم نائلة نويرة القنجي دون سد للشغور الى غاية كتابة هذه الأسطر.
ويتسم الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد بالمتدهور والجد استثنائي حيث لم تتمكن الحكومات المتعاقبة طيلة العشرية الماضية وحتى في عهد قيس سعيد من خلق الاستقرار لا السياسي ولا اقتصادي والاجتماعي بل ازدادت الأوضاع تدهورا، في حين تعددت خطابات والمحاولات الهادفة لوقف النزيف الاقتصادي وطمأنة التونسيين.
ويأتي تعيين أحمد الحشاني، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة في البلاد، وأزمة مالية غير مسبوقة، ووقت من المفترض ان تكون هياكل الدولة منشغلة بتحضير قانون المالية وحل المشاكل الاجتماعية على غرار فقدان المواد الأساسية وارتفاع الأسعار، فضلا عن تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ويُعتبر الرئيس الجديد، رابع رئيس في عهد قيس سعيد منذ توليه الرئاسة سنة 2019 حيث كلّف سعيّد الياس الفخفاخ بتشكيل حكومة في بداية سنة 2020 بعدما رفض البرلمان حكومة الحبيب الجملي الذي رشحته النهضة، ثم طلب منه الاستقالة بسبب شبهات تضارب مصالح برأه منها القضاء لاحقا، وهو ثاني رئيس حكومة يُعينه رئيس الجمهورية بعد 25 جويلية 2021 تاريخ تجميد البرلمان السابق واقالة هشام المشيشي رئيس الحكومة ان ذاك.
اعتراف بالفشل؟
ولسائل أن يسأل والبعض يعتبر أن نجلاء بودن لم يكن منصبها الا “صوريّا” والقصبة ما هي الا جزء من حكومة تُدار دواليبها من القصر الرئاسي بقرطاج، عن مدى صحة ما يعتبره مراقبون للشأن السياسي أن اعفاء بودن هو اعتراف ضمني من قبل الرئيس بإخفاقه في اختياراته لخطة رئاسة الحكومة او يمكن اعتباره محاولة جديدة لحلحل الوضع في البلاد؟
وخلال اشرافه على موكب أداء اليمين من قبل أحمد الحشاني، قال قيس سعيد لرئيس الحكومة الجديدة:” هناك تحديات كبيرة لابد ان نرفعها بعزيمة صلبة وبإرادة قوية للحفاظ على دولتنا وعلى السلم الأهلية …توكل على الله وانطلق “.
وأضاف، “سنعمل على تحقيق إرادة شعبنا والعدل المنشود والكرامة الوطنية…انا على يقين أنك ستعمل على الحفاظ على الدولة وتكامل مؤسساتها …الدولة واحدة ولابد من الحفاظ عليها”.
ومن النقاط الأخرى التي مازالت غير واضحة الى اليوم هل أن تغيير رئيس الحكومة سيتبعه تغيير لأعضائها أو على الأقل سد الشغورات بها والقيام بتعيينات جديدة، أم أن التعديل الحكومي سيبقى بيد رئيس الدولة، وأي دور سيكون للبرلمان في خضم كل هذه التغييرات السياسية؟
من هو أحمد الحشاني؟
ورئيس الحكومة الجديد هو رجل اقتصاد وسياسي تونسي. وهو مختص في القانون تخرج من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس والتحق بالبنك المركزي في ثمانينات القرن الماضي إلى حين خروجه إلى التقاعد في 2018، وقد زاول تعليمه الثانوي بالمعهد العلوي بتونس.
وهو خبير قانوني تحصل على الماجستير في القانون العام من كلية القانون والعلوم الاقتصادية بتونس سنة 1983.
كما تولى الحشاني منصب المدير العام لشؤون القانونية بالبنك المركزي ثم مديرا عاما للموارد البشرية.