تونس-أفريكان مانجر
في إطار مساعدتها على حربها ضدّ الارهاب، قدّمت الولايات المتّحدة الأمريكيّة لتونس مساعدات في شكل صدريّات ودروع واقية من الرّصاص، الى جانب عدد اخر من التّجهيزات الواقية من الرّصاص، كما أعلن السّفير الأمريكي جاكوب وايلس عن عزم بلاده تقديم 12 مروحيّة “بلاك هاون” للجيش التّونسي (سعر الواحدة يقدّر بـ 14 مليون دولار سنة 2008) سنة 2015، ورغم أنّ هذه المساعدات جاءت في إطار التّعاون التّونسي الأمريكي في المجال العسكري الذي امتدّ على مدى سنوات طويلة منذ استقلال تونس، إلاّ أنّ بعض المراقبين اعتبروا هذا النّوع من الدّعم غير مألوف، حيث انحصر سابقا في الدّعم المادّي أو اللّوجستي والتّدريب وتبادل المعلومات ولم تعهد تونس مساعدات بتسليح الجيش ومدّه بمروحيّات، الشّيء الذي أثار عديد التّساؤلات بهذا الخصوص، وأثار عديد المخاوف.
وفي بعض القراءات المتطابقة، يرى عدد من المراقبين أنّ أمريكا ترى تونس أفضل تجربة ناجحة في بلدان ما يسمّى بالرّبيع العربي، غير أنّ امكانيّة استهدافها من قبل الجماعات المتطرّفة في ليبيا وأنصار الشّريعة في تونس وتنظيم القاعدة الذي انقسم وتجزّأ ليظهر في شكل تنظيم داعش، دفع الخارجيّة الأمريكيّة الى حماية هذه التّجربة “الدّيمقراطيّة” في تونس، وحماية مصالحها داخلها.
مساعدات تهدف الى كسب موقع جيو استراتيجي
وفي هذا الإطار، قالت بدرة قعلول الخبيرة في الاستراتيجيات الأمنيّة والعسكريّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ هذا الدّعم الأمريكي في مجال تسليح الجيش التّونسي يهدف أساسا الى كسب تونس كموقع جيو استراتيجي يضمن لها المحافظة على مصالحها في تونس وفي البلدان المجاورة لها، حيث أنّ أمريكا تعمل على المحافظة على موقعها ككلّ في المنطقة (مخطّط اقليمي)، مضيفة أنّ الخارجيّة الأمريكيّة بتقديمها هذه المساعدات، لا تهدف الى استقطاب سوق جديدة لشراء الأسلحة كما ذهب الى ذلك البعض، وانّما مخّططها أكبر من ذلك على حدّ تعبيرها.
وأضافت محدّثنا أنّ الجزائر سبق وأن أعلنت عن عزمها تقديم مساعدات عسكريّة للجيش التّونسي، مع الإشارة الى أنّ الأسلحة الجزائريّة روسيّة الصّنع وتزويد تونس بجزء منها يمكن أن يفتح المجال أمام العلاقات التّونسيّة الرّوسيّة وهذا ضدّ الاستراتيجيّة الأمريكيّة ولا يتماشى مع مخطّطها، كما أنّ هذه المساعدات يمكن أن تسمح الى الجزائر بالتّدخّل وهذا ما لن تسمح به أمريكا، رغم أنّ تونس من مصلحتها التّعامل مع الجزائر بخصوص ملفّ الارهاب، باعتبار أنّها متمرّسة على هذه الظّاهرة وتملك خبرة ميدانيّة كبيرة في هذا الميدان، كما أنّ تونس لديها عديد الاتّفاقيّات معها ومن مصلحة تونس الاستفادة من علاقة الجوار التّي تربطها مع الجزائر، خاصّة وأنّ أهدافهما مشتركة على مستوى القضاء على الإرهاب.
تونس في حاجة الى خبرات الجزائر الميدانيّة لا الأمريكيّة
من جهة أخرى، بيّنت الخبيرة في الاستراتيجيات الأمنيّة والعسكريّة أنّ تونس بحاجة الى المساعدات العسكريّة الأمريكية، لكن بخصوص الخبرات، تعدّ خبرة الجزائر أكثر نجاعة بالنسبة لتونس، حيث أنّ الإرهاب الذي حاربته أمريكا في السّابق يختلف عن الارهاب في المغرب العربي والجزائر سبق وان عانت منه وتمرّست فيه ولذا تعدّ خبراتها الميدانيّة هامّة جدّا لتونس في الوقت الحالي، خاصّة وأنّ سيناريوهات متعدّدة يمكن أن تطال تونس أوّلها أن تدخّل القوّات الأمميّة الى ليبيا وتسيطر على الوضع، وتضغط على الارهابيين، حتى يضطرّوا الى الهروب الى تونس وبالتّالي تزداد حدّة الارهاب بها وتطال الجزائر…وإمّا أن تساعد أمريكا تونس في القضاء على الارهاب ويبقى الوضع هادئا، بعد سيطرتها على الأوضاع في ليبيا…
هدى