تونس-افريكان مانجر
تقوم مختلف هياكل الدولة حاليا بإنجاز عمليات تدقيق في مشاريع تنوير عمومي أنجزتها بعض البلديات بالشراكة مع مزودين خواص في مختلف ولايات الجمهورية خلال العشرية الأخيرة انجر عنها خسائر مالية كبرى تكبدتها المجموعة الوطنية.
مشاريع غير مُجدية اقتصاديا
و في حوار لموقع أفريكان مانجر، أكد مدير عام وكالة التحكم في الطاقة فتحي الحنشي، انه تم مُؤخرا الانطلاق في عمليات التدقيق في مشاريع التنوير العمومي المنجزة و المتمثلة في أعمدة كهربائية تنتج الطاقة بالاعتماد على بطارية تعمل بالطاقة الشمسية و غير
مرتبطة بشبكة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز “الستاغ” .
و أوضح الحنشي، أن بعض المناطق البلدية شهدت مشاريع إحداث أعمدة مزودة ببطارية لإنارة الشوارع بالطاقة الشمسية غير مرتبطة بشبكة الستاغ، و في نفس المكان و على بعد مسافة قصيرة يوجد عمود كهربائي آخر تابع للشركة التونسية للكهرباء و الغاز، وهذه مسألة غير مبررة، وفق تقديره.
و أشار إلى أن اغلب البطاريات تدوم لفترة زمنية محددة بـ 5 سنوات كأقصى تقدير و إعادة تشغيلها يتطلب مجددا رصد اعتمادات مالية كبرى.
و اعتبر ان هذه المشاريع غير مجديّة اقتصاديا و تنجر عنها خسائر مالية هامة خاصة و أن وضعية المالية العمومية صعبة، و قد قدمت وكالة التحكم في الطاقة للبلديات في عديد المناسبات رأيها التقني و أبدت رفضها للانجاز و رغم ذلك تم إحداثها على غرار بعض البلديات التابعة لولاية منوبة، مذكرا أن رأي مؤسسته غير إلزامي.
ويقول مدير عام وكالة التحكم في الطاقة، انه مع ارتفاع أسعار البطاريات في الأسواق بجميع أنواعها فانه من غير المربح تركيب
أعمدة إنارة مع بطارية للتخزين، سيّما و أن عمرها محدود و تكلفتها باهظة، إلى جانب انه تم تركيزها في مناطق لا تتطلب المزيد من الأعمدة وجعلت البلديات مطالبة بتسديد فواتير الستاغ وخلاص مستحقات المزودين.
وشدد على أنه يمكن اعتبار نظام الإضاءة الذي يعمل بالطاقة الشمسية مزود ببطارية ومصابيح تعمل بالطاقة الشمسية مربحة و مجدية في صورة تركيزها في المناطق غير المرتبطة بالشبكة الكهربائية على غرار المناطق الحدودية أو ما يسمى بالمناطق السوداء.
و عموما، فانه تم فعليا بالشراكة مع وزارة الداخلية باعتبارها سلطة الإشراف على الجماعات المحلية ووزارة التجهيز الانطلاق في عمليات التدقيق في مشاريع التنوير العمومي التي مازال بعضها في وضعية استغلال و البعض الآخر معطل، وقريبا سيتم الإعلان عن نتائج التدقيق وسيتم البحث عن الحلول لتفادي الخسائر.
و لفت إلى أن التواتر الكبير لهذه المشاريع تم في السنوات العشر الأخيرة بالتزامن مع ارتفاع الطلب من المواطنين على توفير الإنارة، وهو السبب الذي تقدمه البلديات كمبرر لهذه الاحداثات لكن الإشكال يبقى متصّلا بالأماكن التي نجد فيها صنفين من أعمدة الإنارة.
و أضاف قائلا، وكالة التحكم في الطاقة ليست ضد مشاريع الطاقات المتجددة و إنما هدفها بعث مشاريع ذات مردودية اقتصادية التي لا تنجر عنها خسائر للدولة، وفق تعبيره.
و ردا عن سؤال يتعلق بفرضية وجود شبهات فساد مالي و اداري في ملف التنوير العمومي، قال الحنشي، “ان صلاحياته لا تُخول له الحسم في ذلك… في المقابل فانه من غير المقبول إحداث عمود بالبطارية بجانب عمود آخر مرتبط بشبكة الستاغ و لا توجد ضرورة لتركيزه في منطقة تتمتع مسبقا بالإنارة”.
تكلفة عالية
ومعرض حديثة عن تكلفة إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية بالبطارية، أفاد مصدرنا، انه في سنة 2013 تم تقدير تكلفة الكيلواط/ الساعة حسب المصدر المذكور 686 مليم في حين المرتبط بشبكة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز فهي في حدود 229مليم وهي خسائر تتحملها البلدية.
و تشير البيانات أنه في سنة 2023 أصبح الكيلواط/ الساعة في نظام الإنارة المعتمد على الطاقة الشمسية مع بطارية في حدود 1640 مليم مقابل 319 مليم عمود الكهرباء العادي.
وخلص إلى أن عملية التدقيق الجاري إنجازها ستُحدد كيفية إصلاح المشاريع المعطلة و إيجاد الحلول اللازمة لتخفيف الخسائر.
كما تحدث الحنشي، عن مشروع نموذجي أنجزته وكالة التحكم في الطاقة بالشراكة مع بلدية الشيحية بصفاقس يتمثل في انجاز أعمدة إضاءة بلوحات شمسية مرتبطة بشبكة الشركة التونسية للكهرباء و الغاز التي تتكفل بعملية تخزين الطاقة خاصة و أن الإطار التشريعي الحالي يسمح بذلك. وهو مشروع مربح اقتصاديا وسيتم تعميمه مستقبلا على بقية البلديات.